الموسوعة الفقهية

المطلب الحادي عشر: السَّفَر إلى القُبورِ


السَّفَرُ لزيارةِ القبورِ لا يجوزُ، سواءٌ كانت قبورَ أنبياءٍ أو غيرِهم، وهو قولُ مالكٍ وجمهورِ أصحابِه [8968] ((التاج والإكليل)) للمواق (3/344) قال القاضى عياضٌ: (وقولُه: «لا تُشدُّ الرِّحالُ إلَّا إلى ثلاثةِ مساجدَ...» الحديثَ: فيه تعظيمُ هذه المساجدِ وخصوصُها بشدِّ الرِّحال إليها، ولأنَّها مساجدُ الأنبياءِ، ولفضلِ الصَّلاة فيها، وتضعيفِ أجرِها، ولزومِ ذلك لِمَن نَذَرَه، بخلافِ غيرِها ممَّا لا يلزمُ ولا يُباح شدُّ الرِّحال إليها لا لناذرٍ، ولا لمتطوعٍ لهذا النَّهي، إلَّا ما ألحقَه محمدُ بنُ مسلمةَ مِن مسجدِ قُباء، وإلزامه إتيانَه لِمَن نذَره). ((إكمال المعلم)) (4/448). وقال ابن تيميَّة: (والقاضي عياضٌ مع مالكٍ وجمهور أصحابه يقولون: إنَّ السَّفَر إلى غير المساجِدِ الثلاثة محرَّمٌ؛ كقبور الأنبياء). ((الرد على الإخنائي)) (ص: 180)، ويُنظَر: في فتاوى بعض المالكية في نُصْرَةِ هذا القول ((مجموع الفتاوى)) (27/200) وما بعدها، ((الصارم المنكي)) لابن عبد الهادي (ص: 18). وقال ابن حجر: (قال الشَّيخُ أبو محمد الجويني: يَحْرُم شَدُّ الرِّحالِ إلى غيرها؛ عملًا بظاهِرِ هذا الحديثِ، وأشار القاضي حسين إلى اختياره، وبه قال عياضٌ وطائفة). ((فتح الباري)) (3/65) ، وقولُ بعضِ الشَّافعيَّة [8969] قال النووي: (واختلَفَ العلماءُ في شَدِّ الرِّحالِ وإعمالِ المَطِيِّ إلى غير المساجِدِ الثلاثة؛ كالذَّهابِ إلى قبورِ الصَّالحينَ وإلى المواضِعِ الفاضلة ونحو ذلك؛ فقال الشيخ أبو محمد الجُويني من أصحابِنا: هو حرامٌ، وهو الذي أشار القاضي عياضٌ إلى اختياره). ((شرح النووي على مسلم)) (9/106). ، وروايةٌ عند الحَنابِلَة [8970] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/150). ، اختارها ابنُ عَقيل [8971] ((الفروع)) لابن مفلح (5/155)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/502). ، وابنُ تيميَّة [8972] ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (27/187)، وينظر: ((الفروع)) لابن مفلح (5/155)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/502). ، وهو قولُ ابنِ بطَّةَ [8973] ((الإبانة الصغرى)) لابن بطة (ص: 323،324). ، وابنِ الأثيرِ [8974] ((جامع الأصول)) لابن الأثير (9/283). ، وابنِ عبدِ الهادي [8975] له كتاب في هذه المسألة ردَّ فيه على السُّبْكيِّ، وهو بـ((الصارم المنكي)). ، وابنِ القَيِّم [8976] ((إعلام الموقعين)) لابن القيم (3/168). ، والصنعانيِّ [8977] (( ((سبل السلام)) للصنعاني (2/177). ، وابنِ بازٍ [8978] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/327). ، وابنِ عثيمينَ [8979] ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (2/237).
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: سمعْتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: ((لا تَشُدُّوا الرِّحالَ إلَّا إلى ثلاثَةِ مساجِدَ: مسجدي هذا، والمسجِدِ الحرامِ، والمسجِدِ الأقصى )) [8980] أخرجه البخاريُّ (1189)، ومسلم (827) واللَّفْظ له.
وَجهُ الدَّلالةِ:
النهيُ في الحديثِ يَعُمُّ السَّفَر إلى المساجِدِ والمشاهِدِ، وكلِّ مكانٍ يُقصَدُ السَّفَرُ إلى عَينِه للتقَرُّبِ [8981] ((اقتضاء الصراط المستقيم)) لابن تيمية (2/182).
ثانيًا: أنَّ السَّفَر لأجل زيارةِ القُبورِ لم يَصِحَّ فيه حديثٌ عنِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ولم يَفعَلْه السَّلَفُ من الصَّحابة والتَّابعين [8982] ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (27/29،22).

انظر أيضا: