الموسوعة الفقهية

المطلب الثاني: متى يُحَوِّلُ الرِّداءَ


يُحَول الرداء في صلاةِ الاستسقاءِ أثناءَ الخُطبةِ، حين يستقبِلُ القبلة للدُّعاء، وهذا مذهَبُ الشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (5/78)، وينظر: ((البيان)) للعمراني (2/683). ، والحَنابِلَة ((الإقناع)) للحجاوي (1/208)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/322). ، وقول عند الحَنَفيَّة ((حاشية الشلبي على تبيين الحقائق للزيلعي)) (1/231). ، اختاره محمد وأبو يوسف من الحَنَفيَّة قال الكاساني: (وهل يقلِبُ الإمامُ رداءه؟ لا يقلب في قول أبي حنيفةَ، وعندهما يقلِبُ إذا مضى صَدْرٌ من خطبته) ((بدائع الصنائع)) (1/284). ، ورواية عن مالك اختارها أصبغ قال الباجي: (وقولُه: (حين استقبل القبلةَ) يقتضي أنَّ قلْبَ الرداء لا يكون إلا عند استقبالِ القبلة، وقد اختلف قولُ مالك في استقبال القبلة متى يكون؟ فروى عنه ابنُ القاسم أنَّه يفعل ذلك إذا فرَغَ من الخطبة، وقال عنه عليُّ بن زياد: يفعل ذلك في أثناء خطبته؛ يستقبل القبلةَ ويدعو ما شاء، ثم ينصرف فيستقبلُ النَّاس ويُتِمُّ خطبته، وروى ابن حبيب عن أصبغ أنَّه اختار ذلك) ((المنتقى))‏ (1/332). وقال ابن رشد: (وقال أبو يوسف: يحوِّلُ رداءه إذا مضى صَدْرٌ من الخطبة، وروي ذلك أيضًا عن مالك) ((بداية المجتهد)) (1/216). ، وهو اختيار ابن المنذر قال ابن المنذر: (ويخطب قبل الصلاة، يخطب الخطبة الأولى ويجلس، ثم يقوم فيخطب بعض الخطبة الأخرى ثم يستقبل القبلة، ويحول رداءه، ويحول الناس أرديتهم، يجعلون مَا عَلَى اليسار عَلَى اليمين، وما عَلَى اليمين عَلَى اليسار) ((الإقناع)) (1/126). ، والشوكاني قال الشوكاني: (وما ذكره من تحويل الرداء فقد ثبت عن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنه حول رداءه وحول أصحابه ولا وجه لتقييد ذلك بحال الرجوع فقد كان النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يفعله حال الدعاء والخطبة) ((السيل الجرار)) (ص: 199). ، وابن باز قال ابن باز: (الظاهر من الأحاديث الواردة عن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في صلاة الاستسقاء أن الرداء يكون على حالته المعتادة، وإنما يقلب في أثناء الخطبة عندما يحول الإمام رداءه. أما أن يحول الرداء أو العباءة عن حالها قبل ذلك، فالأظهر أن ذلك غير مشروع ومخالف للسنة، وفق الله الجميع) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/83). ، وابن عثيمين قال ابن عثيمين: (قلبُ الرِّداء في الدُّعاء أثناءَ الاستسقاءِ يكونُ حالَ الخُطبة، كما ذكَر ذلك أهلُ العلم، والحكمةُ منه تحصيلُ ثلاثِ فوائدَ: الأُولى: الاقتداءُ بالنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. الثانية: التفاؤُلُ على اللهِ عزَّ وجلَّ بأنْ يتحوَّل القحطُ إلى خصْبٍ ورَخاء. الثالثةُ: أنَّه إشارةٌ مِن المرءِ أن يقلب حالُه مِن الانصرافِ عن اللهِ عزَّ وجلَّ، والوقوعِ في معصيتِه، إلى الإقبالِ على اللهِ عزَّ وجلَّ والتزام طاعته) ((فتاوى أركان الإسلام)) (ص: 401).
الدَّليلُ مِنَ السنة:
عبد الله بن زيد المازني يقول ((خرج رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى المصلى فاستسقى وحوَّلَ رداءَه حين استقبَلَ القبلةَ )) [7137] رواه البخاري (1024)، ومسلم (894).
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
قولُه: (حين استقبَلَ القِبْلَةَ) أفاد أنَّ التَّحويلَ وَقَعَ في أثناءِ الخطبةِ عند إرادَةِ الدُّعاءِ ((شرح الزرقاني على الموطأ)) (1/646).

انظر أيضا: