الموسوعة الفقهية

المطلَبُ السَّادِسُ: الجَماعةُ لصَلاةِ خُسوفِ القَمرِ


تُسنُّ الجماعةُ لصلاةِ خُسوفِ القَمر، وهذا مذهبُ الشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (4/55)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/318). ، والحَنابِلَة ((الإنصاف)) للمرداوي (2/309)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/312). ، وبذلك قال جُمهورُ أهلِ العِلمِ قال ابنُ بَطَّال: (اختَلف العلماءُ في خُسوفِ القمر؛ هل يُجمع له للصَّلاة؟ فذهبت طائفةٌ إلى أنَّه يُجمع فيه كما يُجمع في كسوف الشمس سواء، رُوي ذلك عن عثمان بن عفان، وابن عبَّاس، وبه قال النَّخَعيُّ، وعطاء، والحسن، وإليه ذهب الشافعيُّ، وأحمدُ، وإسحاق، وأبو ثور، وأهلُ الحديث) ((شرح صحيح البخاري)) (3/48). وقال النوويُّ: (فيه دليلٌ للشَّافعي وجميعِ فقهاء أصحابِ الحديثِ في استحباب الصَّلاة لكسوف القمر على هيئةِ صلاةِ كسوف الشَّمس، ورُوي عن جماعةٍ من الصحابة وغيرِهم) ((شرح النووي على مسلم)) (6/218) وقال الشوكانيُّ: (وقد ذهَب مالكٌ والشَّافعيُّ وأحمدُ، وجمهورُ العلماء إلى أنَّ صلاة الكسوف والخسوف تُسَنُّ الجماعةُ فيهما). (نيل الأوطار)) (3/396). ، واختارَه ابنُ حزم قال ابنُ حزم: (يُصلَّى لكسوفِ الشَّمس ولكسوفِ القمرِ في جماعةٍ) ((المحلى)) (3/312). وابنُ باز قال ابنُ باز: (المشروعُ في هذا هو الصَّلاة عند كسوف الشمس وكسوف القمر، مع الذِّكر والاستغفار والتكبير، والصَّدقات وإعتاق الرِّقاب، كل هذا مشروعٌ كما أمر به النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ فإنَّه ذكر كسوف الشمس والقمر، فقال: ((إنَّهما آيتانِ من آياتِ الله، لا يَنكسفانِ لموتِ أحدٍ من الناس ولا لحياتٍه)) ثم قال عليه الصَّلاة والسَّلام: ((فإذا رأيتموهما فافْزَعوا إلى ذِكر الله، وإلى دُعائِه واستغفارِه))، وفي لفظٍ آخَر: ((فصلُّوا وادْعُوا حتى يُكشفَ ما بكم))؛ فالسُّنة أن يُصلِّي الإمامُ ركعتين، في كلِّ ركعة قراءتان ورُكوعان وسجدتان) ((فتاوى نور على الدرب)) (13/392). ، وابنُ عُثَيمين قال ابنُ عثيمين: (كسوفُ الشَّمس وخسوفُ القمر حُكمهما واحدٌ) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (16/313). وقال أيضًا: (الغالب أنَّ هذه الصلاةَ تُفعل في المساجد، ويَتبع الناسُ فيها إمامَهم، فما فعَل الإمام يَفعلونه. وليعلم أنَّ الكسوف والخسوف معناهما واحدٌ) ((الموقع الرسمي للشيخ محمد بن صالح العثيمين)). وقد قال في صلاة كسوف الشَّمس: (لا شكَّ أنَّ اجتماع الناس أَوْلى، بل الأفضل أن يُصلُّوها في الجوامع؛ لأنَّ النبيَّ عليه الصَّلاة والسَّلام صلَّاها في مسجد واحد، ودعَا الناس إليها، ولأنَّ الكثرةَ في الغالب تكون أدْعى للخشوعِ وحضور القلب، ولأنها- أي: الكثرة- أقربُ إلى إجابة الدُّعاء) ((الشرح الممتع)) (5/183).
الأدلَّة: 
أولًا: من السُّنَّة
عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال- بعدَ فَراغِه من الصَّلاةِ لخُسوفِ الشَّمسِ جماعةً-: ((إنَّ الشَّمسَ والقَمر آيتانِ من آياتِ اللهِ، لا يُخسفانِ لموتِ أحدٍ ولا لحياتِه؛ فإذا رأيتموها، فافْزَعوا للصَّلاةِ )) رواه البخاريُّ (1046)، مسلمٌ (901).
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ قولَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في هذا الحديثِ: ((فإذا رأيتُموها، فافْزَعوا للصَّلاةِ)) فيه معرفةُ كيفيَّةِ الصَّلاةِ في أحدِهما؛ فكان ذلك دَليلًا على صِفةِ الصَّلاةِ في الأخرى ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (3/48).
ثانيًا: أنَّه خُسوفٌ سُنَّ له الصَّلاةُ؛ فوجَب أن يكونَ مِن سُنَّتِها الجماعةُ كخُسوفِ الشَّمسِ ((الحاوي الكبير)) للماوردي (2/510).
ثالثًا: أنَّ صلاتَيِ الكُسوفِ والخُسوفِ صَلاتانِ يَتجانسانِ؛ فإذا سُنَّ الاجتماعُ لأحدهما، سُنَّ للأُخرى كالعِيدَينِ ((الحاوي الكبير)) للماوردي (2/510).

انظر أيضا: