الموسوعة الفقهية

المطلب الخامس: الحمار والبغل


الحِمارُ والبَغلُ طاهرانِ؛ وهذا مَذهَبُ المالكيَّة ((التاج والإكليل)) للمواق (1/91)، وينظر: ((المدونة الكبرى)) لسحنون (1/115). ، والشَّافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (1/13)، ((المجموع)) للنووي (1/172). ، وهو روايةٌ عن أحمد ((الفروع)) لابن مفلح (1/333)، ((الإنصاف)) للمرداوي (1/342). ، واختارها ابنُ قُدامةَ قال ابن قدامة: (والصَّحيحُ عندي طهارةُ البَغلِ والحمار). ((المغني)) (1/37). ، وابنُ تيمَّية قال ابن تيميَّة: (والطهارةُ هنا أقوى؛ لأنَّ فيها معنى الطَّوافِ، وهو أنَّه لا يمكِنُ الاحترازُ منها غالبًا). ((شرح العمدة)) (1/90). ، وابنُ باز قال ابن باز في الحمار والبغل: (الصواب: أنَّهما طاهران، كالهِرَّة) ((شرح المنتقى – كتاب الصلاة، من كتاب اختيارات الشيخ ابن باز الفقهية لخالد آل حامد)) (1/286). ، وابنُ عثيمين قال ابن عثيمين: (... فكلُّ ما شقَّ التحرُّزُ منه فهو طاهر؛ فعلى هذا البَغلُ والحمار طاهران، وهذا هو القول الرَّاجح الذي اختاره كثيرٌ من العلماء). ((الشرح الممتع)) (1/444).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من الكتاب
قول الله تعالى: وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً [النحل: 8]
وجه الدَّلالة:
أنَّه سبحانه وتعالى ذكَر هذه الحيواناتِ في مقامِ الامتنانِ على عبادِه، ولو كانت نجسةً لَمَا أباحَها لهم.
ثانيًا: مِن السُّنَّةِ
عن كَبشةَ بنتِ كَعبِ بنِ مالكٍ: ((أنَّ أبا قتادةَ دخل عليها، فسكَبَتْ له وَضوءًا، قالت: فجاءتْ هِرَّةٌ، فأصْغَى لها الإناءَ حتى شرِبتْ، قالت كبشةُ: فرآني أنظُرُ إليه، قال: أَتعجبينَ يا ابنةَ أخي؟ فقلت: نعَمْ، فقال: إنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: إنَّها ليستْ بنَجَسٍ؛ إنَّها مِنَ الطَّوَّافين عليكم والطَّوَّافات )) رواه أبو داود (75)، والترمذي (92)، والنَّسائي (68)، وابن ماجه (367)، وأحمد (22633)، ومالك في ((الموطأ)) (2/30)، والدارمي (1/203) (736). قال البخاريُّ كما في ((السنن الكبرى)) للبيهقي (1/245): جوَّد مالكٌ هذا الحديث، وروايته أصحُّ من رواية غيره، وقال الترمذيُّ، حسن صحيح، وقال العقيليُّ في ((الضعفاء الكبير)) (2/142): إسناده ثابت صحيح، وقال الدارقطني كما في ((المحرر)) (38): رواته ثقات معروفون، واحتجَّ به ابن حزم في ((المحلى)) (1/117)، وصحَّحه ابن عبدِ البَرِّ في ((التمهيد)) (1/318)، والنووي في ((المجموع)) (1/117)، وابن دقيق في ((الاقتراح)) (126)، وابن حجر في ((المطالب العالية)) (1/59)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (75).
وجه الدَّلالة:
أنَّه نصَّ على أنَّ العِلَّة في عَدَمِ نجاسة الهِرَّة كونُها من الطَّوَّافين علينا والطَّوَّافات، والتَّطواف علَّةٌ معلومةُ المناسبةِ، وهي مشقَّةُ التحرُّزِ، فوجب أن يُعلَّقَ الحُكمُ بها، ويندرِجُ في ذلك البَغلُ والحِمارُ ((مجموع الفتاوى)) لابن تيميَّة (21/621)، ((الموسوعة الفقهيَّة الكويتيَّة)) (7/243)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/459).
ثالثًا: أنَّ الحَميرَ والبِغالَ كانت تُركَبُ على عهدِ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولا بدَّ أن يُصيبَ الراكبَ شيءٌ من عَرَقِها ولُعابِها، ولو كانت نجسةً لبيَّنَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولأمَر أمَّتَه بالتحرُّز منه، ولنُقِلَ إلينا توقِّي الصَّحابةِ لذلك ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/463).
رابعًا: أنَّ الأصلَ في الأعيانِ الطَّهارةُ، ولا يُحكَمُ بنجاسةِ شيءٍ إلَّا بدليلٍ صحيحٍ صريحٍ، ولا دليلَ هنا ((شرح عمدة الفقه)) لابن تيميَّة (1/89).

انظر أيضا: