الموسوعة الفقهية

المطلب الثَّالث: سِباع البهائم وجوارحُ الطَّير


 سِباعُ البَهائِمِ وجوارِحُ الطَّيرِ، غيرَ الكَلبِ؛ طاهرةُ الذَّاتِ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحنفيَّة قال ابن نُجيم: (فظهر من هذا كلِّه أنَّ طهارةَ العَينِ لا تستلزِمُ طهارة اللَّحم؛ لأنَّ السِّباعَ طاهِرةُ العَينِ، باتِّفاق أصحابنا) ((البحر الرائق)) (1/137). والكلبُ ليس بنَجِسِ العينِ عند الحنفيَّة. ((حاشية ابن عابدين)) (1/208). ، والمالكيَّة ((الكافي)) لابن عبدِ البَرِّ، (1/161)، وينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (1/179، 184). ، والشَّافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (1/13)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/78). ، وهو روايةٌ عن أحمد ((الإنصاف)) للمرداوي (1/245). ، اختارها الآجُريُّ قال المرداوي: (وعنه أنَّها طاهرةٌ غيرَ الكَلبِ والخنزيرِ، واختارها الآجري) ((الإنصاف)) (1/245).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّها حيواناتٌ يجوزُ بَيعُها والانتفاعُ بها؛ ولذا فهي طاهرةٌ كالشَّاةِ ((المجموع)) للنووي (1/174).
ثانيًا: أنَّ الأصلَ في الأشياءِ الطَّهارةُ، وهذا معلومٌ من كُليَّات الشَّريعةِ وجزئيَّاتها، ولا يُصارُ إلى غير ذلك إلَّا بدليلٍ ناقلٍ عن الأصلِ قال ابن تيميَّة: (فكلُّ نجسٍ محرَّمُ الأكلِ، وليس كلُّ محرَّمِ الأكلِ نجسًا). ((مجموع الفتاوى)) (21/16، 542). وقال الشوكانيُّ: (اعلم أنَّ كونَ الأصلِ الطَّهارةُ مَعلومٌ من كليَّاتِ الشَّريعة المطهَّرة وجزئياتها، ولا ريبَ أنَّ الحُكم بنجاسةِ شيءٍ يستلزم تكليفَ العباد بحُكم، والأصلُ البراءة من ذلك، ولا سيَّما من الأمور التي تعمُّ بها البلوى، وقد أرشدَنا رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى السُّكوتِ عن الأمور التي سكَت اللهُ عنها، وأنَّها عفوٌ، فما لم يرِدْ فيه شيءٌ من الأدلَّة الدالَّة على نجاسَتِه، فليس لأحدٍ من عباد الله أن يَحكُم بنجاسَتِه... فالتحريمُ للشَّيءِ لا يدلُّ على نجاسَتِه بمطابقةٍ ولا تضمُّنٍ ولا التزامٍ) ((الدراري المضية)) (1/33).

انظر أيضا: