الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الأوَّل: قراءةُ سورةِ السَّجدةِ والإنسانِ في صَلاةِ فَجرِ الجُمُعةِ


يُسنُّ أنْ يُقرأَ في فَجرِ يومِ الجُمُعةِ بسُورَتي الم تَنْزِيلُ، وهَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ قال ابنُ القيِّم: (يظنُّ كثير ممَّن لا عِلمَ عنده أنَّ المراد تخصيصُ هذه الصلاة بسجدةٍ زائدة، ويُسمُّونها سجدة الجمعة، وإذا لم يقرأْ أحدهم هذه السورة استحبَّ قراءة سورة أخرى فيها سجدة؛ ولهذا كرِه مَن كره من الأئمَّة المداومةَ على قِراءة هذه السورة في فجر الجمعة؛ دفعًا لتوهُّم الجاهلين، وسمعتُ شيخَ الإسلام ابن تيميَّة يقول: إنما كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقرأ هاتين السورتين في فجر الجمعة؛ لأنَّهما تضمَّنَتا ما كان ويكون في يومها، فإنَّهما اشتملتَا على خَلْق آدم، وعلى ذِكر المعاد وحَشْر العباد، وذلك يكون يومَ الجمعة، وكان في قراءتهما في هذا اليوم تذكيرٌ للأمَّة بما كان فيه ويكون، والسجدة جاءتْ تبعًا ليستْ مقصودةً؛ حتى يَقصد المصلِّي قِراءتَها حيث اتَّفقت. فهذه خاصَّة من خواصِّ يوم الجمعة) ((زاد المعاد)) (1/363). ، وهذا مذهبُ الشافعيَّة ((تحفة المحتاج)) للهيتمي (2/55)، ويُنظر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/155). ، والحَنابِلَةِ ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/38)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/271). ، وهو قولُ طائفةٍ من السَّلَفِ قال ابن رجب: (ممَّن استَحبَّ قِراءة سورة الم سورة السجدة، وهَلْ أَتَى في صلاة الفجر يومَ الجمعة: الثوريُّ، والشافعيُّ، وأحمدُ، وإسحاقُ، وأبو خيثمة، وابنُ أبي شَيبةَ، وسليمانُ بن داود الهاشميُّ، والجوزجانيُّ، وغيرهم من فقهاء الحديثِ، وهذا هو المرويُّ عن الصحابة، منهم: عليٌّ، وابنُ عباس، وأبو هريرة) ((فتح الباري)) (5/383). ، واختاره ابنُ دَقيق العِيد قال ابنُ دقيق العيد: (فيه دليلٌ على استحباب قِراءة هاتين السورتينِ في هذا المحلِّ) ((إحكام الأحكام)) (ص: 228). ، وابنُ تيميَّة قال ابنُ تيميَّة: (ويقرأ في أُولى فجْر الجمعة الم السجدة، وفي الثانية هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ). ((الاختيارات الفقهية)) (ص: 440). ، وابنُ باز قال ابنُ باز: (السُّنَّة للإمام أن يَقرأ في صلاة فجر يومِ الجمعة سُورتَي تنزيل السجدة في الركعة الأولى، وسورة هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ في الركعة الثانية) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (12/395).
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
1- عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقرأُ في صلاةِ الفجرِ يومَ الجُمُعة: الم تَنْزِيلُ [السجدة: 1-2] وهَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ [الانسان: 1] )) [6130] رواه البخاري (891)، ومسلم (880).
2- عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يقرأُ في صلاةِ الفجرِ يومَ الجُمُعةِ الم تَنْزِيلُ، وهَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ)) رواه مسلم (879).

انظر أيضا: