الموسوعة الفقهية

المَطلَب الرَّابع: تقدُّمُ المأمومِ على الإمامِ في الصَّلاةِ


لا يَتقدَّمُ المأمومُ على إمامِه في الموقفِ، فإنْ تَقدَّمَ عليه في جِهتِه [4527] أمَّا إذا كان المأموم في غير جِهة الإمام فلا تبطل، وذلك يُتصوَّر فيما إذا صلَّوا حولَ الكعبة، فإنَّهم إذا استداروا حولَ الكعبة، فإنْ كان بعضهم أقربَ إلى الكعبة من الإمام في غير جِهته- على الجهة المقابلة للإمام- صحَّت صلاتُهم. ينظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/250)، ((المجموع)) للنووي (4/299)، ((الإنصاف)) للمرداوي (2/197). وفي أثناءِ صلاتِه بطَلَتْ [4528] ومن أهل العلم من قال: إنَّها تصحُّ إذا كان ذلك لعذر، قال ابن تيمية: (تصحُّ مع العذر دون غيره مثل ما إذا كان زحمةٌ، فلم يمكنْه أن يصلِّي الجمعةَ أو الجنازة إلَّا قدَّام الإمامِ، فتكون صلاتُه قدَّامَ الإمامِ خيرًا له مِن تركه للصلاةِ. وهذا قولُ طائفةٍ مِن العلماء، وهو قولٌ في مذهبِ أحمدَ وغيرِه. وهو أعدلُ الأقوالِ وأرجحُها، وذلك لأنَّ تركَ التقدُّم على الإمامِ غايتُه أن يكونَ واجبًا من واجباتِ الصلاةِ في الجماعةِ، والواجباتُ كلُّها تسقطُ بالعذرِ). ((مجموع الفتاوى)) (23/404). ، وهو مذهبُ الجمهورِ: الحَنَفيَّة [4529] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/250)، ((حاشية الطحطاوي)) (ص:274). ، والشافعيَّة [4530] ((المجموع)) للنووي (4/299)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/245). ، والحَنابِلَة [4531] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/197)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/485).
 الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
1- عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((بتُّ عند خالتي ميمونةَ، فقام رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من اللَّيلِ فتوضَّأَ من شَنٍّ معلَّقٍ وضوءًا خفيفًا- فجعل يَصفُه وجعَل يُقلِّله- قال ابنُ عبَّاس: فقمتُ فصنعتُ مِثلَ ما صنَع النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثم جئتُ فقمتُ عن يَسارِه، فأَخْلَفني فجَعَلني عن يمينِه فصلَّى... )) أخرجه البخاري (138)، (859)، ومسلم (763) باختلافٍ يسير.
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
لأنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أدارَه مِن وراءِ ظَهرِه، وكانت إدارتُه من بين يَديه أيسرَ؛ فدلَّ على عدمِ جوازِ تقدُّمِ المأمومِ على الإمامِ [4533] ((حاشية الطحطاوي)) (ص:206).
2- عن عائشةَ أمِّ المؤمنينَ رَضِيَ اللهُ عنها، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به.. )) [4534] رواه البخاري (688)، ومسلم (412)
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
 أنَّ الائتمامَ: الاتباعُ، والمتقدِّم غيرُ تابعٍ [4535] ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/245).

انظر أيضا: