الموسوعة الفقهية

الفصل الأوَّل: تعيينُ أوقاتِ النَّهي


مِن بعدِ صلاةِ الفجرِ إلى أن تَرتفِعَ الشمسُ قِيدَ رُمْحٍ؛ وعند قيام الشمسِ وسَطَ السَّماءِ حتى تزولَ، ومِن بعدِ صلاةِ العصرِ إلى أنْ يستكمِلَ غروبُ الشمسِ- أوقاتٌ يُنهى عن الصَّلاةِ فيها، وهذا مذهبُ الشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (4/164-167)، وينظر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/123-124). عدا يوم الجمعة في وقت استواء الشَّمس إلى زوالها فتجوز الصلاةُ فيه. يُنظر: ((روضة الطالبين)) للنووي (1/194). واستثنوا كذلك الصلاة في جميع هذه الأوقات في مكَّة؛ قال النوويُّ: (وأمَّا المكان فمكة- زادها الله شرفًا- لا تُكره الصلاة فيها في شيءٍ في هذه الأوقات، سواء صلاة الطواف وغيرها. وقيل: إنما يُباح ركعتَا الطواف. والصواب: الأوَّل. والمراد بمكَّة، جميعُ الحَرَم). ((روضة الطالبين)) (1/194). ، وروايةٌ عن أحمدَ قال المرداويُّ: (وعنه من صلاةِ الفجر، اختاره أبو محمَّد رزق الله التميمي) ((الإنصاف)) (2/143). وأما بقية الأوقات فالمذهب متَّفِق فيها معهم. ، واختيارُ ابنِ تَيميَّة يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (23/200-209). قال ابنُ تيميَّة: (وهذه ألفاظ الرسول صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ فإنَّه نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلُعَ الشمس، كما نهى عن الصلاة بعدَ العصر حتى تغرُبَ الشمس) ((مجموع الفتاوى)) (23/202). إلَّا أنه استثنى الصلاةَ يومَ الجُمُعة وقتَ الزوال. فقال: (وعلى مقتضى هذه العِلَّة لا يُنهى عن الصلاة وقتَ الزوال لا في الشتاء ولا يوم الجُمُعة، ويؤيِّد ذلك ما في السُّنن عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم «أنَّه نهى عن الصلاةِ نِصفَ النهار إلَّا يوم الجُمُعة») ((مجموع الفتاوى)) (23/209). ، وابنِ باز إلَّا أنَّه جعله من طلوع الفجر، قال ابنُ باز: (الأوقات التي يُنهى فيها عن الصلاة هي من طلوع الفجر إلى ارتفاع الشَّمس قِيدَ رمح. وعند قيام الشمس وسَطَ السماء حتى تزولَ جِهةَ المغرب، وبعدَ صلاة العصر حتى غروب الشمس) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (30/71). ، وابنِ عُثَيمين قال ابنُ عُثيمين: (القول الصحيح: أنَّ النَّهيَ يتعلَّقُ بصلاةِ الفجرِ نفسِهَا، وأمَّا ما بين الأذان والإقامة، فليس وقت، لكن لا يُشرع فيه سِوى ركعتي الفجر؛ لأنَّه ثبَت في صحيح مسلم وغيرِه تعليقُ الحُكم بنفس الصلاة؛ «لا صلاةَ بعدَ صلاةِ الفجرِ حتى تَطلُعَ الشمسُ)) ((الشرح الممتع)) (4/111).
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
1- عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((شهِد عندي رجالٌ مَرْضيُّون، وأرضاهم عندي عُمرُ: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَهى عن الصلاةِ بعدَ الصبحِ حتَّى تُشرِقَ الشمسُ، وبعدَ العصرِ حتى تغرُبَ )) [4020] رواه البخاري (581)، ومسلم (826).
2- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تَحرَّوا بصلاتِكم طلوعَ الشَّمسِ ولا غُروبَها )) رواه البخاري (582)، ومسلم (828).
3- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا طلَع حاجبُ الشمسِ فأخِّروا الصلاةَ حتى ترتفعَ، وإذا غابَ حاجبُ الشَّمسِ فأخِّروا الصلاةَ حتى تغيبَ )) رواه البخاري (583) واللفظ له، ومسلم (829).
4- عن عُقبةَ بنِ عامرٍ الجهنيِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((ثلاثُ ساعاتٍ كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ينهانا أنْ نُصلِيَ فيهنَّ أو أن نقبُرَ فيهنَّ موتانا: حين تطلُعُ الشمسُ بازغةً حتى ترتفعَ، وحين يقومُ قائمُ الظهيرةِ حتى تميلَ الشمس، وحين تَضيَّفُ الشمسُ للغروبِ حتى تغرُبَ )) رواه مسلم (831).
ثانيًا: أنَّ هذه الأوقات يَعبُد المشركون فيها الشمسَ، فلو صُلِّي فيها لكان في ذلك مشابهةٌ للمشركين؛ لأنَّهم يَسجُدون للشمسِ عند طلوعِها، وعند غروبِها ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (4/115).

انظر أيضا: