الموسوعة الفقهية

المبحثُ الأول: العبَثُ في الصَّلاةِ


يُكرَه العبثُ ومن صور العبث فرقعةُ الأصابعِ في الصلاة، فعن شعبةَ مولى ابن عبَّاس قال: صلَّيت إلى جنب ابن عبَّاس، ففقَّعت أصابعي, فلما قضيتُ الصلاةَ قال: لا أمَّ لك! تفقع أصابعك وأنت في الصلاة؟! رواه ابن أبي شيبة (2/344) وقال الألباني في ((إرواء الغليل)) (2/99): سنده حسن. كذلك مِن صُور العبثِ في الصَّلاة كثرةُ تعديل لباسه من غترة وعقال ونظر إلى الساعة وغير ذلك. وقال ابن بازٍ: (أو حركات غير مشروعة فيها، كالذي يحدث من البعض عبثًا؛ من كثرة تعديل لباسه من غترة وعقال ونظر إلى الساعة أو تمسيح شعر لحيته ونحو ذلك بعد الإحرام بها، كلُّ هذا مما ينافي الخشوع الذي هو لبُّ الصلاة ورُوحها، وسببُ قبولها، أو ينقصه أو يضعفه) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (12/9). وقال ابن عثيمين: (الحركةُ المكروهةُ: وهي الحركة اليسيرة بلا حاجةٍ، هي مكروهة، لأنَّها عبثٌ منافٍ للخشوع، كما نشاهده في كثير من الناس ينظرُ إلى السَّاعة وهو يصلِّي، أو يصلح غترته، أو يذكِّره الشيطان وهو في صلاته أمرًا نسيه، فيخرج القلم ويكتب الذي نسيه؛ لئلا يضيِّعه بعد ذلك، وأمثلتها كثيرة). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (12/503). في الصَّلاةِ.
الأدلَّة:
أوَّلًا: من السُّنَّة
عن عليِّ بنِ عبد الرَّحمنِ المعاوي قال: ((رآني عبدُ اللهِ بنُ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهم وأنا أَعبَثُ بالحَصباءِ في الصَّلاة، فلمَّا انصرَف نَهاني، وقال: اصنعْ كما كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَصنَعُ، فقلت: وكيف كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَصنعُ؟ قال: كان إذا جلَسَ في الصَّلاة وضَعَ كفَّه اليُمنى على فخذِه اليُمنى، وقبَض أصابعَه كلَّها، وأشار بإصبعِه التي تَلِي الإبهامَ في القِبلة، ورمَى ببصرِه إليها أو نحوها، ووضَع كفَّه اليُسرى على فَخذِه اليُسرى، وقال: هكذا كان يَفعلُ )) رواه مسلم (580).
ثانيًا: من الإجماع
نقَل الإجماعَ على كراهيةِ العَبثِ في الصَّلاة: ابن عَبد البَرِّ [2772] قال ابنُ عَبد البَرِّ: (وفي هذا الحديثِ من الفِقه: أنَّه لا يجوزُ العبث في الصَّلاة بالحصباء، وهو أمرٌ مجتمَع عليه، وكذلك غير الحصباء) ((التمهيد)) (13/196). وقال أيضًا: (في هذا الحديث: النهيُ عن اللعب بالحصباء والعبث بها في الصَّلاة، وهو أمرٌ مُجتمَع عليه، وكذلك غير الحصباء) ((الاستذكار)) (1/477). ، وابنُ قُدامةَ قال ابنُ قُدامة: (ويُكرَه العبثُ كلُّه، وما يَشغل عن الصلاة ويَذهب بخشوعها، وقد رُوي «أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رأى رجلًا يَعبَث في الصَّلاة، فقال: لو خشَع قلبُ هذا لخشعت جوارحُه»، ولا نعلم بين أهل العلم في كراهة هذا كلِّه اختلافًا) ((المغني)) (2/9).

انظر أيضا: