موسوعة الأديان

الحسرة الثانية: جرائم النصارى السابقة في حق الأمة الإسلامية:


منذ أن تخلَّت هذه الأمة عن الجهاد في سبيل الله؛ - لإعلاء كلمة الله ونشر دين الله، والدفاع عن حرمات المسلمين وأعراضهم ودمائهم - تجرأت على الأمة الإسلامية أيد كانت صاغرة، تدفع الجزية وهي ذليلة... فاستباحت الديار، وسفكت الدماء، وهتكت الأعراض، وسلبت الأموال، واحتلَّت الأوطان، ولا تزال هذه اليد النصرانية الآثمة الغاشمة في ساحات الأمة الإسلامية، فهذه سيوفهم تقطر من دمائنا في كلِّ واد في البوسنة والهرسك وكوسوفو وبورما والفلبين والصومال وفلسطين، ولا تزال تسمع دوي الانفجارات وأزيز الطائرات فوق رؤوس الضعفاء والمساكين. وهذا الأمر- رغم شدته لم يكن شرًّا محضا- بل كان فيه خير للأمة الإسلامية؛ إذ أورثها بغض النصارى ومنافرتهم وعدم قبولهم دينهم، حيث ارتبطت النصرانية في ذهن المسلم بالحروب الصليبية وبالاستعمار، وارتبطت في العصر الحاضر بالاستحواذ الاستعماري على خيرات الأمة، والاستبداد السياسي، والتطفيف في الوزن في القرارات الدولية، وفي الإخلال بجودة الصادرات إلى المسلمين... فأنتج كل ذلك شعورا بمقت النصارى مقتا لمسه النصارى أثناء دعوتهم للمسلمين إلى النصرانية، فقد كتب (نورمان دانيال): (لقد كان أكثر ما أصيب بالضرر هو الاتصال وإمكانية التخاطب مع هؤلاء الناس؛ نتيجة للعلاقة الاستبدادية غير المحتملة من قبل الغزاة تجاه المغلوبين، والتي يستحيل التخفيف من آلامها... وقد بدأ التشويش على الاتصال عندما رفض الأوربيون أن يقتنعوا بأن العالم مثله كمثل أوربا له الحق في أن تكون له ثقافته الخاصة، لقد كانت مأساة الكنيسة النصرانية هي الخلط بين حقائق الدين والثقافة) (( التنصير خطة لغزو العالم الإسلامي)) (ص: 254 ). ، ومما يوجه إليه المحاور النصراني في حواره مع المسلمين ( ضرورة القيام بفصل المسيحية في حدِّ ذاتها عن العالم الغربي ومواقفه المادية ومواقفه الاستعمارية، فالمسلم لم ينس ذلك بعد)   توجيهات من أجل حوار بين المسيحيين والمسلمين، صادر عن الفاتيكان عام 1969 م ، نقلا عن ((مؤامرة الفاتيكان على الإسلام)) (ص: 170). ، وفي تحليل لشارلي عن البيئة الإسلامية ومدى قبولها للنصرانية قال: (إن تاريخ العلاقة بين الإسلام والنصرانية تاريخ حافل بالحروب التي لم تنقطع، فهنالك فتوحات المسلمين في شمال أفريقيا وإسبانيا، والحروب الصليبية والحروب التي دارت بين الطرفين في العصور الوسطى، وفي عصر النهضة، وفي وسط وشرق أوربا، والتوسع الاستعماري للقوى النصرانية الغربية داخل أراضي المسلمين، هذا بالإضافة إلى المواجهات الراهنة حول الصهيونية ولبنان والنفط، وعبر هذا التاريخ الطويل تصرف النصارى بصورة لا تمت إلى تعاليم النصرانية بصلة، وكان لتلك التصرفات أثرها في تشويه رسالة الإنجيل وإحباط مراميها) (( التنصير خطة لغزو العالم الإسلامي)) (ص: 201 ). يريد النصارى أن ينسى المسلمون الحروب الصليبية حتى تزول الحواجز النفسية التي يظنون أنها هي التي تحول بينهم وبين النصرانية، ومن أجل ذلك انطلقت من أوربا. ( مسيرة مصالحة ) نصرانية؛ للاعتذار للمسلمين عن الحملات الصليبية، وقد بدأت هذه المسيرة عام( 1996) م, في فرنسا، ثم تبعها في ألمانيا حوالي (1000) شخص عام (1997) معظمهم من سلالة الصليبين، وقد زارت هذه المسيرة تركيا ولبنان، والتقت ببعض المسؤولين وببعض المارة، وقدموا لهم بعض الهدايا مع اعتذار شفهي عن جرائم أجدادهم الصليبين الذين غزوا المنطقة قبل تسعمائة سنة، وارتكبوا فيها المجازر، وألحقوا بالبلاد الدمار جريدة الشرق الأوسط العدد 7225 الصفحة الأولى، والعدد 7232 الصفحة التاسعة.
فهل يظن النصارى السذَّج أن المسلمين ينسون ذلك التاريخ بهدية تافهة، واعتذار بارد  ؟... فهلَّا أقاموا مدنا في بلاد المسلمين عما دمَّروه ، وهلَّا قدَّموا إعانات مالية لأبناء المسلمين، وهلَّا قدَّموا تدريبا تعليميا وتقنيا، وهلَّا قدَّموا رعاية مالية للمعوزين والأيتام.. كما يقدمون اليوم لليهود ضريبة لما ارتكبوه في حقهم، كما افترى ذلك عليهم اليهود  ؟.
ولكن هل نسيت تلك المسيرات النصرانية أن دماءنا لا زالت راعفة في البوسنة والهرسك، وأن جراحنا لا زالت دامية في كوسوفو، وأن إخواننا المسلمين في تلك البلاد يسكنون الخيام بعد أن دمَّرت النصرانية بيوتهم  ؟.. فمتى ستتجوَّل مسيرة مصالحة أخرى عن هذه الجرائم  ؟ ؟

انظر أيضا: