قراءة وتعريف

الاختلاطُ مراتبُه وحدودُه وضوابطُه
book
إبراهيم بن محمد العبيكي
عنوان الكتاب: الاختلاطُ مراتبُه وحدودُه وضوابطُه
اسـم المؤلف: د. إبراهيم بن محمد العبيكي
النـاشــر: دار العقيدة للنشر والتوزيع - الرياض
سنة الطبع: 1437هـ - 2016م
عدد الصفحات: 168

التعريف بموضوع الكتاب:

الاختلاطُ من أهمِّ القضايا التي تثار كثيرًا، ومن أبرز المواضيعِ التي يَكثُرُ طَرحُها ونقاشُها، والدَّندنةُ حولها، وأهمُّ العوامِلِ التي تجعل هذا الموضوعَ ذا أهميَّة بالغة كونُه موضوعًا دينيًّا حساسًا، التساهُلُ فيه يؤدي إلى زعزعةِ قِيَم المجتَمَع الإسلاميِّ المحافظ، والنَّخرِ في أُسُسِه وأخلاقيَّاته، وأيضًا تُظهِرُ حساسيَّتَه الحربُ الضَّروسُ التي يَشنُّها الليبراليُّون وأشباهُهم من ذوي الأفكارِ المُنحَرِفة على العِفَّة والسِّترِ مِن خلال شَرعَنتِهم للاختلاطِ، وتمييعِهم لثوابتِ الدين فيما يخصُّ أحكامَ المرأة، وما يواجِهُ تلك الهجماتِ الشَّرسةَ من استماتةِ أهلِ الحَقِّ مِن حَمَلةِ العلم والدين، والغيورينَ على الحُرَم؛ دفاعًا عن الفضيلةِ، وحفاظًا على كرامةِ المرأة، وتجنبًا لأمراضِ القلوب التي تنتجُ عن الاختلاط وإبعادِ الحواجزِ الشرعيَّة بين الجنسينِ.
 

وكتابنا الذي نتحَدَّثُ اليوم عنه بحَثَ مسألةَ الاختلاط بين الجنسينِ، ووضَّح مقصودَه، وفصَّل مراتِبَه، وبيَّن حُدودَه وضوابِطَه.
 

في مُقَدِّمة الكتاب تطَرَّق المؤلِّفُ إلى أنَّ الاختلاطَ من الألفاظِ المُجمَلة التي يندرِجُ تحت عباءتِها جملةٌ من الصُّوَر المختلفة، وهذا الإجمالُ نتج عنه اضطرابٌ في وضعِ أدلَّتِه في مواضعِها، وفي تنزيلِ الأحكامِ الصَّادرةِ مِن الفُقَهاءِ مَنازِلَها، حتى صار البعضُ يلتَقِطُ نصًّا في أدنى مراتبِ الاختلاط فيستبيحُ به أرفعَها، أو نصًّا واردًا في موضِعِ حاجةٍ فيستَدِلُّ به على موضعِ السَّعةِ؛ لهذا كان تفصيلُ مراتبِ الاختلاطِ هو وضعًا لكُلِّ دليلٍ في محَلِّه، وتنزيلًا لنصوص العُلَماءِ في مكانها، وبهذا تنزاح كثيرٌ من الإشكالات المصاحبةِ للخِطابِ عن الاختلاطِ، كما أنَّه بتبيينِ إجمالِ مسألةِ الاختلاط يَسهُل للناظِرِ فيها تنزيلُ مسائِلِه المُستجَدَّة والنازلة على ما يناسِبُها من أصولِه المنصوصة في الكتابِ والسُّنَّة، أو تخريجُها على أصولِ العُلَماء، وبذلك تأخذُ كُلُّ مسألةٍ حُكمَ أصلِها المساوي لها في الرُّتبة، وأيضًا ذلك التفصيل يُعرَفُ به منازِلُ النَّهيِ عن كلِّ صورةٍ مِن صُوَر الاختلاطِ، فيُمكِنُ حينَها تقديمُ الأخَفِّ منها على الأشَدِّ عند الحاجةِ؛ ولهذه الأسبابِ وغَيرِها كتَبَ المؤلِّفُ هذا الكتابَ.
 

قسَّم المؤلِّفُ الكتابَ إلى فصلينِ رَئيسينِ:

الفصل الأولُ: كان عن مراتب الاختلاطِ، وذكر أنَّ للاختلاطِ خمسَ مراتبَ، وبيَّنَ أن كلَّ مرتبةٍ أشَدُّ مِن التي قبلها، وفصَّل القولَ في كلِّ مرتبةٍ من هذه المراتبِ، ووضَّحَ أنَّ مراده بالبحثِ في هذه المراتبِ هو بيانُ حُكمِ كُلِّ مرتبةٍ منها مجردًا عن النَّظَرِ في دوافِعِ ارتكابِها، والحاجة إليها.
 

ولَمَّا كانت بعضُ صُوَر الاختلاط ممَّا تعم به البلوى، وتمَسُّ إليه حاجةُ الناس، خَصَّص المؤلِّفُ عند حديثه التفصيلي عن هذه المراتبِ في كلِّ مرتبةٍ مَبحثًا في بيان أثرِ الحاجةِ في تخفيف حُكمِها.
 

وتطرَّقَ إلى أنَّ تغايُرَ مَراتِبِ الاختلاطِ وتنوُّعَها ليس أمرًا مبتدعًا لم يُسبَق إليه، بل هذا الأمر متقرِّرٌ عند أهل العلم، غيرَ أنهم لا يتكلَّفونَ تَفصيلَها وجمْعَ أدلَّتِها على حِدَةٍ؛ وذلك لأنَّ لكل عصرٍ حاجاتِه.
 

أفرَدَ كُلَّ مرتبةٍ ببَحثٍ مُستَقلٍّ، تندرج تحت كلِّ واحدةٍ منها مباحِثُ، وتحت بعضِها أقسامٌ، تكاد تتشابهُ عناوينُ الفروعِ التي تحَدَّثَ فيها في كلِّ مرتبةٍ، وإن كان هناك إضافاتٌ في الحديثِ عن بعضِها لا توجَدُ في البعض الآخرِ؛ وذلك حَسَب ما تقتضيه وتلتَزِمُه، فهو في البداية يوضِّحُ المقصودَ بالمرتبةِ، ثمَّ يَسردُ الأدلَّةَ عليها، ويسرُدُ صورًا معاصرةً لكُلِّ مرتبةٍ، والقسمُ الثَّابتُ والأهمُّ في حديثه هو حُكمُ تلك المرتبة، وأثَرُ الحاجة فيها.
 

وخلاصةُ الحكم في كلِّ مرتبة من هذه المراتب على النحو التَّالي:

المرتبةُ الأولى: الاختلاطُ في الطَّريقِ.

وخَلُص فيها المؤلِّفُ إلى أنَّ تحَرُّزَ الشَّريعةِ عن الاختلاطِ في الطَّريقِ هو في رُتبةِ نَهيِ التَّنزيهِ؛ وذلك أنَّ النَّهيَ عن الاختلاطِ مِن حيثُ الأصلُ مَرَدُّه إلى الفتنةِ، فإذا قَوِيَت مَظِنَّتُها قَوِيَ النَّهي عنه، ومَظِنَّةُ الفتنةِ في الاختلاطِ في الطَّريقِ ليست بالقويَّةِ.
 

المرتبة الثانية: المُعاملةُ العابرةُ.

وخلُصَ فيها إلى استقرارِ النَّهيِ عن هذا النَّوعِ مِن المُخالطةِ بدونِ حاجةٍ، وعلى أنَّ هذه المعاملةَ مُقَيَّدةٌ بشَرطَينِ: الأوَّلُ: الحاجةُ. الثَّاني: المخاطبةُ مِن وراءِ ساترٍ، وهذا الشَّرطُ سنةٌ عند الجماهيرِ، وإنَّما يجِبُ في حَقِّ أمَّهاتِ المؤمنينَ.
 

 ثم قسَّمَ كلامَ العُلَماءِ في الاحترازِ عنها إلى أربعةِ أقسامٍ:

القِسمُ الأوَّلُ: احترازُ العُلَماءِ عن محادثةِ الرِّجالِ للنِّساءِ في الطُّرُقاتِ.

القسم الثاني: احترازُ العُلَماءِ في المعاملةِ بين الباعةِ والصُّنَّاعِ وبين النِّساءِ.

القسم الثالث: احترازُ العُلَماءِ في معاملةِ المرأةِ للرِّجالِ الذين يأتونَ بابَها عند غيابِ زَوجِها.

القسم الرابع: احترازُ العُلَماءِ من التَّسليمِ والتَّشميتِ، والعيادةِ والتَّعزيةِ، إذا كانت المرأةُ شابَّةً.
 

المرتبة الثالثة: الاجتماعُ.
وخَلُصَ فيها إلى أنَّ هذه المرتبةَ مِن أشَد مراتِبِ الاختلاطِ، وأنَّ النَّهيَ عنها متقَرِّرٌ عند عُلَماءِ الإسلامِ؛ لصَراحةِ مُصادَمتِها للأمرِ بالحِجابِ والاعتزالِ؛ لذلك كان يُحتَرَزُ عن وقوعِ هذا الاجتماعِ حتى في بَعضِ مواضِعِ الحاجاتِ، لا سيَّما إذا امتَدَّ الزَّمَنُ.
 

المرتبة الرابعة: الاجتماعُ والمعاملةُ.

وخَلُصَ فيها إلى شِدَّةِ النَّهيِ عن هذه المرتبةِ، وأنَّها لا تبيحُها الحاجةُ المُجرَّدةُ، ويُستثنى من النَّهيِ عن هذه المرتبةِ ما لا يُمكِنُ تَحصيلُه من الواجباتِ إلَّا بهذه المُخالطةِ، كأن يجِبَ على المرأةِ تعَلُّمُ علمٍ مِن العلومِ وجوبًا عينيًّا، ولا يُمكِنُ أن يكونَ مِن وراءِ حِجابٍ، ولا يُوجَدُ امرأةٌ أخرى تُعَلِّمُها أو رجلٌ مِن مَحارِمِها، مع توفُّرِ الشُّروطِ الأخرى، كانتفاءِ الخَلوةِ، وتجلبُبِ المرأةِ، ومعرفةِ الرَّجُلِ والمرأةِ بالعدالةِ والصَّلاحِ، وأن تكونَ المحادثةُ بقَدرِ الحاجةِ.
 

المرتبة الخامسة: المُصاحَبةُ.
وجعلَ الكلامَ فيها في مَبحَثينِ:

 المبحث الأول: ذِكرُ إنكارِ العلماءِ مُصاحَبةَ النِّساءِ، ولو كانت صُحبةَ عبادةٍ، وذكَرَ أنَّ هذه المرتبةَ يتلبَّسُ بها بعضُ الصُّوفيةِ زاعمينَ أنَّهم مَشغولونَ بالعبادةِ عن الفِتنةِ، أو أنَّهم قد بلَغوا منزلةً مِن العبادةِ والوِلايةِ لا يَخشَونَ معها الافتِتانَ!
 

المبحث الثاني: الصُّورُ المعاصِرةُ المُسَبِّبةُ للمُصاحَبةِ، وهي على النَّحوِ التَّالي:

دراسةُ الطلابِ والطَّالباتِ في فُصولٍ أو قاعاتٍ واحدةٍ.

- عمَلُ الرِّجالِ والنِّساءِ في متجَرٍ واحدٍ.

- عمَلُ الرِّجالِ والنِّساءِ في مكاتِبَ واحدةٍ.

- عمَلُ الرِّجالِ والنِّساءِ في المطاعِمِ والفنادقِ ونَحوِهما.

- اجتماعاتُ العَمَلِ الدَّوريةُ المُختَلطة.
 

وأما الفصلُ الثاني فقد عَقَده المؤلِّفُ بعنوان: (ضوابط الاختلاط)، وقَسَّمَها إلى خمسةِ مباحِثَ، وكلُّ مبحثٍ اشتمَلَ على عددٍ من الضَّوابطِ:
 

المبحث الأول: ضوابطُ في الاستدلالِ على حُكمِ الاختلاطِ، وهي:

– الأمرُ بالحجابِ نهيٌ عن الاختلاط.

– أدلةُ النهي عن مرتبةٍ من المراتبِ أدلَّةٌ للنَّهيِ عمَّا فَوقَها.

– لا يُستدَلُّ بأدلَّةِ التخفيفِ في مرتبةٍ دُنيا على جوازِ مَرتبةٍ فَوقَها.

– لا يصحُّ الاستدلالُ على جواز الاختلاطِ بالنُّصوصِ التي وردت قبل الأمرِ بالحجابِ.
 

المبحث الثاني: ضوابطُ في التَّشديدِ في حُكمِ الاختلاطِ، وهي:

– الاختلاطُ بسافرة الوجه والمتزيِّنة أشَدُّ.

– مخالطةُ المرأة الشابَّة أشَدُّ.

– كلَّما كثُرَ الرِّجالُ اشتَدَّ النهيُ.

– المرأة منهيَّةٌ أن تتكَلَّف ما يزيدُ في ظهورِها في مجامِعِ الرِّجالِ.

– إذا ظهر ضعفُ التَّقوى في الناس شُدِّدَ في الاختلاطِ.
 

المبحث الثالث:  ضوابِطُ في التَّخفيفِ في حُكمِ الاختلاطِ، وهي:

– المرأةُ التي يَغلبُ على الظنِّ عدَمُ حُصولِ الفتنةِ بها يخَفَّفُ في مخالطتِها.

– من ذهَبَت منه الشَّهوةُ أو ضَعُفَت خُفِّفَ في مخالطتِه للنِّساءِ.

– التباعُدُ مخفِّفٌ لحكمِ الاختلاطِ.
 

المبحث الرابع: ضوابِطُ في أسبابِ النَّهيِ عن الاختلاطِ، وهي:

– علَّةُ النهيِ عن الاختلاطِ أنَّه مَظِنَّةُ الفتنةِ لا التُّهمة.

– الاختلاطُ يُضعِفُ حياءَ المرأة أو يزيلُه، بحسَبِ مَرتبتِه.
 

المبحث الخامس: ضوابِطُ في المؤاخذةِ في الاختلاطِ:

– الاختلاطُ غيرُ المأذونِ فيه لا يُرخَّصُ فيه في خطأِ النَّظَر.

– المتسَبِّبُ في وقوع الاختلاطِ غيرِ المأذون فيه شريكٌ في المعاصي الواقعةِ مهما كَثُرت.