الحَمدُ للهِ واسعِ الفَضلِ ومُسدِي النِّعم، كريمِ العطايا كَثيرِ المِنَن، أَحْمَدُه حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه كما يحبُّ ربُّنا ويَرضَى؛ فله الحمدُ كلُّه، وله الشُّكرُ كلُّه، وإليه يُرجَعُ الأمرُ كلُّه، وصلَّى اللهُ وسلم على عَبدِه ورسولِه محمَّدٍ خاتمِ الأنبياءِ والمرسَلين، وعلى آلِه وأصحابِه ومَن اتَّبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّين.

أمَّا بعدُ:
فقدْ مرَّ- بحَمدِ اللهِ تعالى- على إطلاقِ موقِع الدُّرَر السَّنيَّة خمسةَ عَشرَ عامًا، وقد بدأ برُؤيةٍ مستقبليَّةٍ واضحة، ورسالةٍ محدَّدة، وهدفٍ طَموح؛ وهو أنْ يكون هذا الموقعُ مرجِعًا علميًّا موثَّقًا على منهجِ أهلِ السُّنة والجماعةِ، تُسخَّر من خلاله مُعطياتُ الحضارةِ الحديثة لخِدمة الإسلامِ وأهلِه، مع حِرْصنا على الرِّيادةِ والتميُّزِ والإضافةِ الجديدةِ والفريدةِ في السَّاحة الإسلاميَّة، والتعايُش مع تطوراتِ الأحداثِ التي يَشهدها العالَم، بما يَنفَعُ كافَّةَ المسلمين، على اختلافِ مستوياتِهم وتخصُّصاتهم العِلميَّة؛ بحيثُ يستفيدُ منه العالمُ، والباحثُ المتخصِّص، وطالبُ العِلم والمثقَّف، والمسلمُ العاديُّ غير المتخصِّص، وقد بذَلْنا- منذ إطلاقه- ما استطَعْنا مِن جُهد؛ لتحقيقِ هذا الهدفِ المنشود.

وخلالَ هذه السَّنوات تَحقَّق كثيرٌ ممَّا كنَّا نرجو؛ فأصبح -بفضلِ الله- موقعُ الدُّرَر السَّنية مِن أبرزِ المراجِعِ العِلميَّة الموثَّقة التي يَنهَل مِن معينِها المسلمونَ في كلِّ أقطارِ المعمورة، حتى لقدْ بلَغَ معدَّلُ الزيارات اليومية -من كلِّ بلدانِ العالَم- قُرابة 50 ألف زيارة، بعد أنْ كانت البداياتُ بالعَشرات والمئاتِ مِن الزوَّار، هذا فضلًا عن الأعدادِ الكبيرةِ التي قامتْ بتحميل التَّطبيقات الحديثة للموسوعاتِ وتَثبيتِها على جوَّالاتهم، والاستفادةِ منها، ونَشْر الفوائدِ مِن خلالها.

- أمَّا مِن ناحية المحتوى العِلمي؛ فقد بدَأَ الموقِع بموسوعتَينِ فقط، واليومَ -ولله الحمدُ- بلَغَ عددُها تِسعَ موسوعاتٍ في التَّفسير والعقيدة والحديث والفِقه والأخلاق والتَّاريخ وغيرِها، وهي تُعدُّ مِن أضخمِ قواعِد البياناتِ العِلميَّة على الشَّبكة العالميَّة (الإنترنت)، ولا يزالُ هناك عددٌ من الموسوعاتِ تحتَ الإنشاءِ أو الدِّراسة.

- هذا، وإنَّ مِن نعمِ اللهِ تعالى: أنْ أشادَ بالموقعِ وبما يَحويه مِن موادَّ عِلميَّة مؤصَّلة في مختلفِ العلومِ الشرعيَّة: عددٌ مِن كِبار العلماءِ والدُّعاةِ وطُلَّاب العِلم.
إضافةً إلى كثيرٍ مِن الرسائلِ التي تأتينا مِن زُوَّار الموقِع من دُولٍ كثيرة، فيها الإشادةُ بالموقع، وبكثرةِ استفادتِهم منه.

- وكانَ مِن خُطط التطويرِ الموضوعةِ: أنْ يتمَّ تحديثُ الموقعِ كلَّ خمْسِ سنوات، وهذا التحديثُ هو التحديثُ الرَّابع له، وقد تميَّز بمميِّزات عديدة  تتوافَقُ مع التوجُّهاتِ الحديثةِ في تصميمِ مواقع الإنترنت العالميَّة.

وإنِّي إذ أشكُرُ اللهَ على هذه النِّعمةِ العظيمة أولًا، لأتوجَّهُ بالشُّكرِ إلى مَن يَكمُل بشُكرِهم شُكرُ اللهِ تعالى؛ فأتوجَّه بالشُّكرِ إلى جَميعِ مَن أَسهمَ في إنجاحِ هذا العَمل؛ سواءٌ كان بالمشورةِ والنُّصح، أو بالمشاركةِ في الجُهد.

فأتوجَّه بالشُّكرِ إلى الطَّاقم الإداريِّ المتميِّز، وإلى فَريقِ العَملِ مِن الباحثين المؤهَّلين في القِسمِ العِلمي، وإلى العاملينَ المُبدِعين في القِسم التِّقني والبَرمجي والتَّصميم، وإلى كلِّ مَن أسْهَم -بأيِّ نوعٍ من الإسهام- في إنجاحِ هذا العملِ من داخلِ المؤسَّسة وخارجِها.
وأسألُ اللهَ العليَّ القديرَ أنْ يَتقبَّلَ هذه الجهودَ، وأنْ يَستمرَّ هذا الموقعُ مرجعًا عِلميًّا للمسلمين يَستفيدون منه في أُمورِ دِينهم وأُخراهم، ويُشاركهم هُمومَهم وقضاياهم، وأنْ يكونَ وعاءً لحِفظ السُّنة ومِيراثِ النُّبوَّة، وأنْ يجعلَه من العِلم النَّافِع، والعملِ الصَّالح، الذي يُنتفعُ به في الحياةِ وبعدَ الممات؛ إنَّه وليُّ ذلك والقادرُ عليه.


وصلَّى الله وسلَّم على عَبْدِه ورسولِه محمَّد، وعلى آلِه وصَحْبِه أجمعين،،،