قراءة وتعريف

الألعاب الرياضية أحكامها , ضوابطها - دراسة فقهية تأصيلية معاصرة
book
خالد سعاد كنو
عنوان الكتاب: الألعاب الرياضية أحكامها , ضوابطها - دراسة فقهية تأصيلية معاصرة
النـاشـر: دار النوادر - دمشق
سـنة الطبع: الطبعة الأولى - 1433هـ
عدد الصفحات: 363
نوع الكتاب: هذا الكتاب أصله رسالة علمية تقدم بها المؤلف لنيل درجة الماجستير من كلية الشريعة قسم الدراسات العليا بجامعة بيروت الإسلامية

التعريف بموضوع الكتاب:
الألعاب الرياضية من الموضوعات الحية والمهمة التي عرفها الناس منذ القدم, ومارسوها في مختلف الأعصار والبلدان, ومن تتبع تاريخ الحضارات العريقة، يجد اهتمامها بالتربية الرياضية جزءًا هامًّا من حياتها، لما لها من نتائج إيجابية على الأمة والفرد معًا، نفسيًّا, وروحيًّا, وبدنيًّا, وجاء الإسلام بمنهجه الشامل ليولي التربية الرياضية اهتمامًا كبيرًا، إلا أنه جعل لها ضوابط لا بد وأن تراعى, وأحكامًا ينبغي أن تجعل في الحسبان, وكتاب هذا الأسبوع جاء ليميط اللثام عن هذه الأحكام للألعاب الرياضية, ويضع صيغة شرعية عملية لها، وما تعلق بها من مسائل مستقاة من المراجع الأصولية والفقهية, ويبين الضوابط الشرعية اللازمة لهذه الألعاب.

مهَّد المؤلف للكتاب بالحديث عن تاريخ الألعاب الرياضية, وتحدث عن أهمية الدراسة التاريخية للموضوع, مؤرخاً للألعاب الرياضية قبل الإسلام وبعده عند العرب وغيرهم, كما تناول مفهوم الألعاب الرياضية وبيَّن أهميتها, وعدَّد أنواعها من حيث الآلة التي تعتمد عليها, أو من حيث ورودها في النص, وتقسيمها وفقاً لعدد المشاركين, ووفقاً لأهدافها.

وفي الفصل الأول من فصول الكتاب بيَّن لنا المؤلف حكم الألعاب الرياضية, وأن الأصل فيها الجواز والمشروعية, بناءاً على الأصل, مع أنه قد تعترضها أحكام أخرى حسب الدوافع, والنواتج, والظروف كالوجوب, والحرمة, والكراهة, والندب.
كما ساق المؤلف الأدلة العامة والخاصة من الكتاب والسنة القولية, والفعلية, والتقريرية, ومن آثار السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين.
ثم ذكر المؤلف المسائل التي تؤثر في حكم الألعاب الرياضية فتنقلها عن الأصل, فذكر في ذلك خمس مسائل: منها قاعدة ((لا ضرر ولا ضرار)) حيث أتى بالقاعدة ومحترزاتها, وما يؤيدها من الأدلة, وبين أثرها على الألعاب الرياضية, وأن الألعاب التي تعود بالضرر على حياة الإنسان, أو تلحق الأذى بالآخرين من البشر أو الحيوانات هي محرمة شرعاً, ولا يجوز مباشرتها.

ومن المسائل المذكورة كذلك مسألة المحرم لغيره, وهو يتمثل بدخول المحظورات على الألعاب الرياضية, فينتقل الحكم من المباح إلى المحظور, ومن المندوب إلى الحرام. ومن أمثلة ذلك رياضة السباحة فالأصل فيها الندب, وقد تصل إلى الاستحباب إذا قصد بها إعداد النفس لطاعة الله تبارك وتعالى, إلا أن هذا الحكم قد يتغير في حالة ما إذا مورست هذه الرياضة في أجواء محرمة فيها الاختلاط وكشف العورات, فيتأثر الندب أو الاستحباب بقاعدة المحرم لغيره, فتصبح السباحة محرمة لا لذاتها, بل للظروف التي اقترنت بها.

ومما ذكره من المسائل النية فعرفها, مبيناً أهميتها, وأثرها على التكاليف الشرعية, وأما عن أثرها عل الألعاب الرياضية فبين أن مقصد الشارع من ممارستها هو إعداد البدن إما للطاعات, وفي مقدمتها الجهاد في سبيل الله, وإما بقصد الترويح عن النفس خشية الملل والسأم, وبهذه النوايا تبقى ممارستها ضمن المقاصد الشرعية, بل ويصل حكمها إلى الندب والاستحباب بهذه النوايا؛ لموافقتها لغرض الشارع, أما من ناقض هذه المقاصد, ومارسها لغير ما شرعت له فقد أفسد الحكم الأصلي للألعاب الرياضية وأثَّر فيه سلباً.

كذلك تطرق المؤلف لمسألة الذرائع وأثرها على التكاليف الشرعية, وأدلة اعتبارها, مبينًا أن الألعاب الرياضية تتأثر بهذه القاعدة بالنظر إلى النتائج المفضية إليها, فممارستها تأخذ حكم ما تؤول إليه, لأن النتائج معتبرة بنظر الشارع فإن كانت النتائج محظورة حرمت ممارستها, وإن كانت مطلوبة فممارستها مطلوبة. كما تحدث أيضًا عن الإكثار من المباح وأن الألعاب الرياضية تتأثر بذلك إيجاباً وسلباً.

ويتحدث المؤلف عن حكم الألعاب الرياضية بالتفصيل, وقبل أن يشرع في هذه التفصيل نبَّه على أمر مهم وقع في إشكاله الكثير من الباحثين والفقهاء, ومن ثَمَّ وقع الناس على إثرهم فيه, وهو التفريق بين الألعاب الرياضية المجردة عن الظروف الخارجية, وبين الألعاب التي تحيط بها جميع الظروف التي لا علاقة لها بأصل اللعبة, كالملابس, والأجواء المحيطة بها. فالأصل فيها مجردة الإباحة, ولكن إن اعترتها المحظورات فالحكم الأصلي يتأثر بحسب درجة هذا المحظور. ومن ثَمَّ بدأ بتقسيم الألعاب الرياضية إلى أنواع مبتدئاً بألعاب السباق, وذكر منها الفروسية, فعرَّف بها, وبيَّن أنها من الألعاب التي سنَّها الرسول صلى الله عليه وسلم, وذكر أدلة مشروعيتها, ومما ذكره في هذا القسم أيضاً سباق الإبل, وسباق الأرجل, ورياضة المشي, وبين مشروعية هذه الألعاب والأدلة على ذلك.

أما سباق المركبات الميكانيكية من سيارات ودرَّاجات وغيرها فذكر أن منها ما هو محظور, كسباق السيارات والدراجات النارية التي يسيير فيها المتسابقون بسرعات جنونية في أثناء السبق, ومنها ما هو مندوب إليها إذا قصد بها إعداد القوة كالدراجات الهوائية.
ثم تحدث المؤلف عن نوع ثانٍ من الألعاب الرياضية وهو ألعاب المبارزة, فذكر الرماية, واللعب بالحراب, والرماح, وبين مشروعية هذه الألعاب وذكر الأدلة على ذلك, كما ذكر مشروعية كل من المسايفة - شريطة عدم الإيذاء للآخر- والمصارعة بشتى أصنافها إلا أنها قد تعتريها بعض العوارض فتؤثر في حكمها إيجاباً أو سلباً, أما المصارعة الحرة الأمريكية فإنها مستثناة من حكم المصارعة الأصلي, فهي محرمة قطعاً لما فيها من الإيذاء, وإلحاق الضرر بالمتباريين, وغيرها من الأسباب. كما تناول عدة رياضات ضمن هذا النوع وذكر أحكامها كالملاكمة, والجودو, والكاراتيه, والتايكوندو وغيرها.

ومن أنواع الرياضات التي تناولها المؤلف أيضاً ألعاب الأشداء كحمل الأثقال, والكرة والمطرقة الحديدية, وكمال الأجسام, والمكاسرة, وغيرها والتي حكم المؤلف بجوازها باعتبار أنها تقوم على إعداد الجسد, وتنميته, وتقويته.
ثم ذكر المؤلف نوعاً مهماً من أنواع الرياضات وهو ألعاب الكرات, وقسمها ثلاثة أقسام:

القسم الأول: ألعاب الكرات التي لها آثار نافعة ككرة القدم والسلة والطائرة واليد وغيرها, وهذه الأصل فيها الإباحة إلا أن هذا الحكم يتغير بما يعتريه من مقاصد وظروف خارجية تؤثر على الحكم الأصلي.
القسم الثاني: ألعاب الكرات التي تخلف آثاراً ضارة ككرة القدم الإمريكية, والرجبي.
القسم الثالث: ألعاب الكرات التي لا تخلف أثرًا نافعًا أو ضارًا, كالبلياردو, والجولف, والبولينغ. وهذه أيضًا حكمها الإباحة إلا أن الحكم قد يتحول إلى الكراهة في حالة الإكثار منها, والاستغراق فيها.

كذلك ذكر المؤلف من أنواع الرياضة الألعاب المائية كالسباحة, والغطس, والتزلج على الماء, وغيرها, وأوضح أن حكم هذه الألعاب ينقسم إلى قسمين: مندوبة, ومحظورة. فالمندوبة جميع الألعاب المائية ما عدا الباليه المائي, فهو محظور لما فيه من الموسيقى, وإظهار العورات فيه.
ومما تناوله المؤلف من أنواع الألعاب الرياضية ألعاب المخاطر والمهارات, وألعاب الحيوانات, وقد فصل القول فيها وبيَّن أحكامها.

وفي فصل ثانٍ من فصول الكتاب تحدث المؤلف عن ضوابط الألعاب الرياضية, وأن هناك نوعين من أنواع هذه الضوابط: ذاتية وخارجية, فالذاتية هي التي تحفظ ذاتية الألعاب الرياضية من الحرمة, بينما التي تحفظ الألعاب الرياضية من الظروف الخارجية العارضة تسمى خارجية.
ومن الضوابط الذاتية التي ذكرها المؤلف ألا تخالف الأصول العقدية, وألا تضر اللعبة بالنفس, أو بالغير من إنسان أو حيوان. أما الضوابط الخارجية فذكر منها أن تكون موافقة للأصول العقدية, وأن تنضبط بالضوابط الأخلاقية. ومن الضوابط الخارجية أيضاً ضوابط الجوائز, واللباس, وعدم الإسراف والمبالغة بممارستها, وألا تفضي إلى محرم, وأن تخلو من الاختلاط.

ثم جاء المؤلف بالفصل الثالث والذي خصصه لذكر بعض المسائل التي تتعلق بالألعاب الرياضية, فذكر مسألة ممارسة المرأة للألعاب الرياضية, وبيَّن أنها جائزة بناء على الأصل, وعدم وجود ما يخصص الرجال في ذلك الجواز, إلا أنه ذكر لها ضوابط يجب عليها مراعاتها, وهي نفس الضوابط في الفصل السابق, بالإضافة إلى اجتناب الألعاب الرياضية التي تناقض طبيعتها الأنثوية, وأن يكون مكان ممارستها للرياضة خالياً من الرجال الأجانب, وأن تلتزم في خروجها بآداب الإسلام.

ومن المسائل كذلك مشاهدة الألعاب الرياضية, حيث ذكر المؤلف أن الأصل فيها الإباحة, كأصل ممارسة الألعاب الرياضية نفسها, إلا أنه يتغير بتغير الظروف والمقاصد, فيستحب مشاهدة ما فيه نفع كالرماية, والفروسية, ويحرم مشاهدة الرياضات المحرمة لذاتها كالملاكمة, والمصارعة الحرة وغيرها, ومن ثمَّ ذكر المؤلف ضوابط عديدة للمشاهدة, كما ذكر عدة مسائل لها تعلق بها أيضاً كبذل المال من أجلها, ومشاهدة المرأة لألعاب الرجال.

ومن المسائل المبحوثة في هذا الفصل كذلك مسألة التشجيع, وقد تناول المؤلف حكمه موضحاً أن الأصل فيه الإباحة, بل قد يصل إلى الاستحباب في الألعاب الجهادية, ذاكراً له عدة ضوابط, منها ألا تكون اللعبة في أصلها محرمة, ومنها المحافظة على الأخلاق الحميدة, والآداب العامة أثناء التشجيع, وغيرها.

كذلك تناول المؤلف مسألة الاحتراف, وأن حكمه في الأصل مباح, إلا أنه قد يحرم في بعض صوره. وتحدث أيضاً عن عدة مسائل منها المنشآت الرياضية, ومشاركة المسلمين في المهرجانات الرياضية العالمية الحالية, وتناول العقاقير المنشطة.
وفق الله المؤلف إلى رضاه ونفعه بما دوَّن في الدارين.