موسوعة اللغة العربية

المطلَبُ الأوَّلُ: الشَّيخُ عبدُ اللهِ الشَّبراويُّ


هو: أبو محمَّدٍ جمالُ الدِّينِ، عبدُ اللهِ بنُ محمَّدِ بنِ عامِرِ بنِ شَرَفِ الدِّينِ، القاهِريُّ الشَّبراويُّ الشَّافِعيُّ، وُلِد سَنةَ (1091هـ)، وحَفِظ القرآنَ صغيرًا، وتتلمَذَ في الأزهَرِ، ودَرَس الفِقهَ الشَّافعيَّ وبرع فيه، واعترف له الجميعُ بالعِلمِ والفِقهِ، إلى أن تولَّى مشيخةَ الأزهَرِ، وكان مُهابًا محبوبًا بَيْنَ الجميعِ. تُوُفِّيَ سنةَ (1171هـ) ورثاه العُلَماءُ والشُّعَراءُ، وله من التَّصانيفِ: (شَرحُ الصَّدرِ في غزوةِ بدر)، وديوانُ شِعرٍ سمّاه: (منائِحُ الألطاف في مَدائِحِ الأشراف) [240] يُنظَر: ((سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر)) للمرادي (3/ 107)، ((الأعلام)) للزركلي (4/ 130). .
ومِن شِعرِه قولُه في الغَزَلِ [241] يُنظَر: ((ديوان عبد الله الشبراوي)) (ص: 8). : المتقارب
وحَقِّكَ أَنت المُنى والطَّلَبْ
وأنتَ المُرادُ وأنتَ الأَرَبْ
ولي فيكَ يا هاجِري صَبوةٌ
تحيَّر في وَصفِها كُلُّ صَبّ [242] الصَّبوةُ: الميلُ إلى اللَّهوِ. يُنظَر: ((لسان العرب)) لابن منظور (15/449). والصبُّ: العاشِقُ المتيَّمُ. يُنظَر: ((الزاهر في معاني كلمات الناس)) لابن الأنباري (1/148).
أَبيتُ أُسامِرُ نجمَ السَّما
إذا لاحَ لي في الدُّجى أَو غَرَبْ
وأُعرِضُ عن عاذِلي في هواك
إذا نَمَّ يا مُنيَتي أو عَتَبْ
أمَولايَ باللهِ رفقًا بمَن
إليكَ بذُلِّ الغَرامِ انتَسَب
فإنِّي حَسيبُكَ مِن ذا الجَفا
ويا سيِّدي أنتَ أَهلُ الحَسَبْ
ويا هاجِري بَعدَ ذاكَ الرِّضا
بحَقِّكَ قُلْ لي لهذا سَبَبْ
فإنِّي مُحبٌّ كما قَد عَهِدتُ
ولكِنَّ حُبَّك شَيءٌ عَجَبْ
مَتى يا جَميلَ المُحَيَّا أَرى
رِضاكَ ويَذهَبُ هذا الغَضَبْ
أَشاعَ العَذولُ بأنِّي سَلَوتُ
وحَقِّكَ يا سيِّدي قد كَذَبْ
ومِثلُكَ ما ينبَغي أن يَصُدَّ
ويَهْجُرَ صبًّا له قد أحَبّ
أُشاهِدُ فيكَ الجَمالَ البَديعَ
فيَأخُذُني عِند ذاكَ الطَّرَبْ
ويُعجِبُني منكَ حُسنُ القَوامِ
ولِينُ الكَلامِ وفَرطُ الأدَبْ
وحَسبُكَ أنَّكَ أنتَ المَليحُ
كَريمُ الجُدودِ العَريقُ النَّسَبْ
أمَا والذي زانَ مِنكَ الجَبينْ
وأودَع في اللَّحظِ بنتَ العِنَبْ
وأنبَتَ في الخدِّ رَوضَ الجَمالِ
ولكِنْ سَقاه بماءِ اللَّهَبْ
لَئِنْ جُدْتَ أَو جُرْتَ أنتَ المُرادْ
وما لي سِواكَ مَليحٌ يُحَبّ
وقولُه أيضًا [243] يُنظَر: ((ديوان عبد الله الشبراوي)) (ص: 19). : البسيط
يا عاذِلي لا تَلُمْني إنَّهُ عَبثُ
وهَبْكَ لُمْتَ فمَن باللَّومِ يَكتَرِثُ
ويا وُلاةَ الجَمالِ ارثُوا لمُدْنَفِكُمْ
فليس عارًا عليكم أن يُقالَ رَثَوا [244] المُدْنَفُ: المريضُ الذي شارَف على الموتِ. يُنظَر: ((كتاب الألفاظ)) لابن السكيت (ص: 81).
شَكوى إِلى اللهِ كَم وَجْدٍ يَضيقُ له
صَدري ولكِنَّ خُلقي في الهَوى دَمِثُ
ما لي على حَملِ أعباءِ الهَوى جَلَدٌ
وإنَّما المُهجةُ الجَرَّاءُ تَنبَعِثُ [245] الجرَّاءُ: كثيرةُ الجَريِ.
وفي فُنونِ الهَوى العُذريِّ لي سَلَفٌ
إن لم أَرِثْ حِفظَها عَنهُم فمَن يَرِثُ
عَواذلي أقسَموا أنِّي سَلَوتُ ولا
واللهِ ما صَدَقوا واللهِ قَد حَنَثوا
وَيْحَ العَواذِلِ كَم كاتَمتُهُم شَغفي
بكُم وكَم فحَصوا عَنه وكَم بَحَثوا
مِن جَهلِهِم لَبِثوا دَهرًا على عَذلي
لو انَّهم يَعلَمون الغَيبَ ما لَبِثوا
ولو بعَيني رَأَوا ما قد رَأيتُ لَما
لاموا ولكِنَّهُم مِن لُؤمِهِم خَبُثوا
دَعهُم أخا الوَجدِ لا تَعبَأُ بعَذلِهِم
أنا الوَفيُّ وإن خانوا وإن نَكَثوا
يا آلَ وُدِّيَ عَطفًا فالغَرامُ لَهُ
قَومٌ كَبيرُهُمُ في عَزمِه حَدَثُ
إن كانَ غَيري له مِن حُبِّكم ثُلُثٌ
فقَد تَكامَل لي الثُّلُثانِ والثُّلُثُ
وله في المدْحِ النَّبَويِّ قَصائِدُ لا تخلو من توسُّلٍ واستغاثاتٍ شِرْكيَّةٍ [246] يُنظَر: ((ديوان عبد الله الشبراوي)) (ص: 3). ، كقَولِه: الوافر
رسولَ اللهِ ضاق بي الفَضاءُ
وجَلَّ الخَطبُ وانقطَع الرَّجاءُ
وجاهُكَ يا رسولَ اللهِ جاهٌ
رفيعٌ ما لرِفْعَتِهِ انتهاءُ
وظنِّي فيك يا طَهَ جميلٌ
ومنك الجُودُ يُعهَدُ والسَّخاءُ
رجوتُك يا ابنَ آمِنةٍ لأنِّي
محِبٌّ والمحِبُّ له رَجاءُ
فكم لك يا رسولَ اللهِ فَضلٌ
تضيقُ الأرضُ عنه والسَّماءُ
فكُنْ لي شافعًا في يومِ حَشرٍ
إذا ما اشتدَّ بالنَّاسِ البلاءُ
وحقِّقْ يا رسولَ اللهِ ظَنِّي
فجودُك ليس لي فيه امتِراءُ
وها أنا بالذُّنوبِ ظَلَمتُ نفسي
وجئتُك والكريمُ له وفاءُ
قرأنا في الضُّحى ولسوف يُعطي
فسَرَّ قُلوبَنا هذا العَطاءُ
وحاشا يا رسولَ اللهِ ترضى
وفينا مَن يُعَذَّبُ أو يُساءُ
رسولَ اللهِ فضلُك ليس يُحصى
وليس لقَدرِكَ السَّامي فَناءُ
وأنت مبرَّأٌ من كلِّ عيبٍ
كأنَّك قد خُلِقْتَ كما تشاءُ
وأجملُ منك لم ترَ قطُّ عيني
وأكمَلُ منك لم تَلِدِ النِّساءُ
عليك صلاةُ ربِّي ما توالتْ
نجومٌ أو تلا صُبحًا مَساءُ
على أنَّ الشَّبراويَّ قد أكثَرَ في ديوانِه من قصائِدِ التَّوسُّلِ والاستغاثةِ بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وآلِ البيتِ، ومن ذلك قصيدتُه التي ابتدأَها بقَولِه [247] يُنظَر: ((ديوان عبد الله الشبراوي)) (ص: 40). : الخفيف
أنا في عِرضِ آلِ بيتِ نَبيٍّ
طهَّر اللهُ بيتَهم تطهيرًا
وفيها:
هُم عياذي ومَلْجَئي ومَلاذي
هم نَصيري إذا طلَبْتُ نصيرَا
هم غِياثي مِن شَرِّ يومٍ عَبوسٍ
إنَّه كان شَرُّه مُستطيرَا

انظر أيضا: