موسوعة اللغة العربية

المبحَثُ السَّادِسُ: الهِجاءُ


إذا كان الشَّاعِرُ في عَصرِ المماليكِ يَعمِدُ إلى الِهجاءِ من بابِ الإضحاكِ والمُزاحِ، فإنَّ الهِجاءَ قد أخَذ منحنًى آخَرَ في زمَنِ العُثمانيِّينَ؛ إذ كان الهِجاءُ من بابِ الجِدِّ الذي لا هَزْلَ فيه.
فمِن ذلك قولُ عِمادِ الدِّينِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ محمَّدٍ الدِّمَشْقيِّ في هجاءِ أحمدَ بنِ زَينِ الدِّينِ المَنْطِقيِّ؛ لأنَّه أخَذ مكانَه في المدرَسةِ السليميَّةِ، وهو لا يراه أهلًا لذلك [218] يُنظَر: ((خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر)) للمحبي (2/381). : الكامل
لَك أشتكي مولايَ أفظَعَ وَصْمةٍ
كادَت لشدَّةِ قَهْرِها تُصْميني
يا ضَيْعةَ الأَعمارِ في طَلَبِ العُلى
بالعِلمِ والنَّسَبِ الذي بالشِّينِ
أَمِنَ الْمُروءةِ وهْيَ أسمى رُتْبةٍ
أنِّي أُعادَلُ بابْنِ زَينِ الدِّينِ
لا بل يُرَجَّحُ ثمَّ يَغْصِبُ منصِبي
وأعودُ منه بصَفقةِ المغبونِ
لو كنتُ مَعَ كُفْوٍ قُرِنْتُ لهان لي
لكنَّه بِئسَ القرينُ قَريني
أو كانَ ثَمَّ تَعادُلٌ لهضَمْتُهُ
فانْظُرْ إلى دَهْري بمَن يَبْلوني
وقولُ الخالِ الطَّالوي في شَخصٍ وعَدَه بالعَطاءِ، ثمَّ مَنَعه [219] يُنظَر: ((تاريخ الأدب العربي- العصر العثماني)) لعمر موسى باشا (ص: 447)، وقد عزاه لمخطوط الديوان (ورقة 75). : الوافر
سألتُ النَّاسَ عن شَخصٍ قديمٍ
له ألفا خَريفٍ في النِّظارَهْ
مرادٌ اسمُه بـ(أبي رِكابٍ)
يُكَنَّى، لا رِكابَ ولا حِمارَهْ
فقالوا: قد سأَلْنا نحن عنه
وعن اثنينِ رُؤيتُهم خَسارهْ
مرادُ التَّرجُمانِ يليه أيضًا
مرادٌ في الخَرابِ له إمارَهْ
فقالوا: إنَّهم أُمَناءُ كانوا
على الأهرامِ في وَقتِ العِمارَهْ
وقولُ ابنِ إياسٍ يَرثي لسُقوطِ دَولةِ المماليكِ في قصيدةٍ طويلةٍ، ويهجو فيها عَسكَرَ العُثمانيِّينَ [220] يُنظَر: ((بدائع الزهور في وقائع الدهور)) لابن إياس (5/198). : الكامل
زالت عساكِرُها من الأتراكِ في
غَمضِ العُيونِ كأنَّها سِنَةُ الكَرى
وأتى إليها عَسكَرٌ سيماهُمُ
حَلْقُ الذُّقونِ ولُبسُ طَرطورٍ يُرى
لا يُعرَفُ الأُستاذُ من غِلْمانِهِ
وأميرُهُمْ بَيْنَ الأَنامِ تحَقَّرا

انظر أيضا: