موسوعة اللغة العربية

المطلَبُ الأوَّلُ: الشَّيخُ شِهابُ الدِّينِ محمود


هو الشَّيخُ الكاتبُ الشَّاعرُ، شهابُ الدِّينِ، أبو الثَّناءِ محمودُ بنُ سَلمانَ بنِ فَهدٍ الحلَبيُّ، ثمَّ الدِّمَشقيُّ، الحَنبَليُّ، كاتِبُ السِّرِّ، وعلَّامةُ الأدَبِ، وُلِد رحمه الله سنةَ (644هـ) بحَلَبٍ، ثمَّ انتقل منها مع والِدِه إلى دِمَشقَ، وتلقَّى علمَ النَّحوِ على الشَّيخِ جمالِ الدِّينِ ابنِ مالِكٍ، وتأدَّب على مجدِ الدِّينِ ابنِ الظَّهيرِ، وسلَك طريقتَه في النَّظْمِ، وحَذا حَذْوَه في الكتابةِ، وفُتِح له في النَّظْمِ والنَّثْرِ، حتَّى طلبه أمراءُ مِصرَ، واشتَهَر اسمُه وبَعُدَ صِيتُه، وكانت الرِّحلةُ إليه لمن رام علمَ الإنشاءِ وطرائِقَ الكتابةِ، حتَّى قيل: إنَّه لم يكُنْ بَعدَ القاضي الفاضِلِ مِثْلُه، وله من الخصائِصِ ما ليس للقاضي الفاضِلِ، من كثرةِ القصائِدِ المطوَّلةِ الحَسَنةِ الرَّقيقةِ. وقد كان يكتُبُ الرَّسائِلَ الطَّويلةَ من غيرِ مُسَوَّداتٍ، وقد استمرَّ على سُدَّةِ ديوانِ الإنشاءِ خمسينَ سَنةً بدِمَشْقَ ومِصرَ، وكان رحمه اللهُ ديِّنًا عابدًا، مؤثِرًا للانقِطاعِ والسُّكونِ، حَسَنَ المحاوَرةِ، كَثيرَ الفضائِلِ. توفِّيَ رحمه اللهُ سنةَ (725هـ) [81] يُنظَر: ((فوات الوفيات)) لابن شاكر (4/ 82)، ((ذيل طبقات الحنابلة)) لابن رجب (4/ 459)، ((الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة)) لابن حجر (6/ 82). .
ومِن شِعْرِه قَولُه في مَدحِ الأشرَفِ خليلٍ عِندَ تحريرِ عَكَّا من الصَّليبيِّين [82] يُنظَر: ((البداية والنهاية)) لابن كثير (17/638). : البسيط
الحَمدُ للهِ زالت دولةُ الصُّلْبِ
وعزَّ بالتُّركِ دينُ المصطفى العَرَبي
هذا الذي كانت الآمالُ لو طَلَبتْ
رؤياه في النَّومِ لاستحيَتْ من الطَّلَبِ
ما بَعدَ عكَّا وقد هُدَّت قواعِدُها
في البَحرِ للشِّركِ عِندَ البَرِّ مِن أرَبِ
لم يَبْقَ مِن بَعدِها للكُفرِ إذ خَرِبَتْ
في البَحرِ والبَرِّ ما يُنجي سِوى الهَرَبِ
أُمُّ الحُروبِ فكم قد أنشَأَتْ فِتَنًا
شاب الوليدُ بها هَولًا ولم تَشِبِ
يا يومَ عكَّا لقد أنسَيْتَ ما سَبَقَتْ
به الفتوحُ وما قد خُطَّ في الكُتبِ
لم يبلُغِ النُّطقُ حدَّ الشُّكرِ فيكَ فما
عسى يقومُ به ذو الشِّعْرِ والأدَبِ
وقال أيضًا [83] يُنظَر: ((فوات الوفيات)) لابن شاكر (4/88)، ((شذرات الذهب في أخبار من ذهب)) لابن العماد (8/125). : الكامل
يا مَن أضاف إلى الجَمالِ جَميلَا
لا كُنتُ إن طاوعْتُ فيك عَذُولَا
عوَّضْتَني من نارِ هَجْرِك جنَّةً
فسَكَنْتُ ظلًّا مِن رِضاك ظليلَا
وحلَلْتَ من أحشاي رَبعًا دارسًا
فغدا بقُربِك عامِرًا مأهولَا
ومنَنْتَ حينَ منَحْتَني سَقَمًا به
أشبَهْتُ خَصْرَك رقَّةً ونحولَا
وكفَفْتَ لحْظَك بالفُتور تَلَطُّفًا
كي لا أبيتَ بحدِّهِ مقتولَا
وسلَكْتَ بي في الحُبِّ أحسَنَ مَسلَكٍ
لم يبقَ لي نحوَ السُّلُوِّ سبيلَا
ولرُبَّ ليلٍ مِثلِ وَجهِك بَدْرُهُ
ودُجاه مِثلُ مَديدِ شَعرِك طُولَا
أرسَلْتَ لي فيه الخيالَ فكان لي
دونَ الأنيسِ مُؤانِسًا وخليلَا
إنْ لم أجِدْ للوَجدِ فيك بمُهجتي
لا نال قلبي مِن وِصالِك سُولَا

انظر أيضا: