الموسوعة العقدية

 الطَّبِيبُ

يُوصَفُ اللهُ عزَّ وجلَّ بأنَّه (الطَّبِيبُ)، وهذا ثابتٌ بالحديثِ الصَّحيح.
الدَّليلُ:
1- حديثُ أبي رِمْثَةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّه قالَ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أَرِنِي هذا الذي بِظَهْرِك؛ فإنِّي رجلٌ طبيبٌ، قال: اللهُ الطَّبِيبُ، بل أنت رجلٌ رفيقٌ، طبيبُها الذي خلَقَها )) [2412] أخرجه أبو داود (4207) واللَّفظُ له، وأحمد (17492). صحَّحه ابن حبان في ((صحيحه)) (5995)، وابن العربيِّ في ((القبس)) (3/1127)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4207)، والوادعي على شرط مسلم في ((الصحيح المسند)) (1242)، وصحَّح إسناده أحمدُ شاكر في تخريج ((مسند أحمد)) (12/67)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (17492). .
2- حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ثُمَّ مَرِضَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فوضعْتُ يدي على صدرِه فقلت: أذهبِ البَاس، ربَّ النَّاس، أنتَ الطَّبِيبُ، وأنتَ الشَّافي، وكان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: ((ألحقْنِي بالرَّفيقِ الأعلى، وأَلْحِقنِي بالرَّفيقِ الأعلى )) [2413] أخرجه أحمد (24774) واللفظ له، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (7531)، وأخرجه البيهقي في ((الأسماء والصفات)) (151). صحح إسناده على شرط البخاري شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (24774). .
قال الأزهريُّ -بعد أنَّ أورد حديث أبي رِمْثَةَ رَضِيَ اللهُ عنه: ((طَبيبُها الذي خلَقَها))-: (معناه: العالمُ بها خالقُها الذي خلَقَها لا أنتَ) [2414] يُنظر: ((تهذيب اللغة)) (13/304). .
وقال ابنُ فارسٍ: (الطِّبُّ: هو العِلمُ بالشَّيءِ؛ يُقال: رجل طَبٌّ وطبيبٌ، أي: عالِمٌ حاذِقٌ) [2415] يُنظر: ((مقاييس اللغة)) (3/407). .
وقال الحليميُّ: (منها ما جاء عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((لا تقولوا: الطَّبيبَ، ولكِنْ قُولوا الرَّفيقَ؛ فإنَّما الطَّبيبُ هو اللهُ)) [2416] أخرجه أحمد (17492)، وأبو داود (4207) من حديثُ أبي رِمْثَةَ رَضِيَ اللهُ عنه بلفظ: ((أَرِنِي هذا الذي بِظَهْرِك؛ فإنِّي رجلٌ طبيبٌ، قال: اللهُ الطَّبِيبُ، بل أنت رجلٌ رفيقٌ، طبيبُها الذي خلَقَها)). صحَّحه ابن حبان في ((صحيحه)) (5995)، وابن العربيِّ في ((القبس)) (3/1127)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4207)، والوادعي على شرط مسلم في ((الصحيح المسند)) (1242)، وصحَّح إسناده أحمدُ شاكر في تخريج ((مسند أحمد)) (12/67)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (17492). . ومعنى هذا أنَّ المعالِجَ للمرَيضِ مِن الآدميِّينَ وإن كان حاذِقًا مُتقَدِّمًا في صناعتِه، فإنَّه قد لا يُحيطُ عِلمًا بنَفْسِ الدَّاءِ، ولَئِنْ عَرَفه ومَيَّزه فلا يَعرِفُ مِقدارَه، ولا مِقدارَ ما استولى عليه مِن بَدَنِ العَليلِ وقُوَّتهِ، ولا يُقدِمُ في معالجتِه إلَّا مُطَبِّبًا عامِلًا بالأغلَبِ مِن رأيِه وفَهْمِه؛ لأنَّ مَنزِلتَه في عِلمِ الدَّواءِ كمَنزلتِه التي ذكرتُها في عِلمِ الدَّاءِ، فهو لذلك ربَّما يُصيبُ وربَّما يُخطِئُ، وربَّما يزيدُ فيغلو، وربَّما يَنقُصُ فيَكْبو؛ فاسمُ الرَّفيقِ إذًا أَولى من اسمِ الطَّبيبِ؛ لأنَّه يَرفُقُ بالعليلِ فيَحْميه ما يخشى ألَّا يحتَمِلَه بَدَنُه، ويُطعِمُه ويسقيه ما يرى أنَّه أرفَقُ له، فأمَّا الطَّبيبُ فهو العالِمُ بحقيقةِ الدَّاءِ والدَّواءِ، والقادِرُ على الصِّحَّةِ والشِّفاءِ، وليس بهذه الصِّفةِ إلَّا الخالِقُ البارئُ المصوِّرُ؛ فلا ينبغي أن يُسمَّى بهذا الاسمِ أحدٌ سِواه. فأمَّا صِفةُ تَسميةِ اللهِ تعالى به فهو أن يُذكَرَ ذلك في أحوالِ الاستِشفاءِ، مِثلُ أن يقالَ: اللَّهُمَّ إنَّك أنت المصِحُّ والمُمرِضُ، والمداوي والطَّبيبُ، ونحو ذلك. فأمَّا أن يُقالَ: يا طَبيبُ، كما يقالُ: يا رَحيمُ أو يا حَليمُ أو يا كريمُ؛ فإنَّ ذلك مُفارَقةٌ لآدابِ الدُّعاءِ. واللهُ أعلَمُ) [2417] يُنظر: ((المنهاج في شعب الإيمان)) (1/ 208). .
وقال المناويُّ: (اللهُ الطَّبيبُ أي: هو المداوي الحقيقيُّ بالدَّواءِ، الشَّافي من الدَّاءِ، وهذا قاله لوالِدِ أبي رِمْثةَ حينَ رأى خاتَمَ النبُوَّةِ، وكان ناتِئًا، فظَنَّه سَلعةً تولَّدَت من الفَضلاتِ، فرَدَّ المصطفى صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كلامَه بإخراجِه مُدرِجًا منه إلى غَيرِه، يعني: ليس هذا عِلاجًا، بل كلامُك يفتَقِرُ إلى العِلاجِ؛ حيث سَمَّيت نَفْسَك طبيبًا، واللهُ هو الطَّبيبُ، وإنَّما أنت رفيقٌ تَرفُقُ بالمريضِ وتتلَطَّفُ به وله، فهو من الأُسلوبِ الحَكيمِ في فَنِّ البديعِ؛ وذلك لأنَّ الطبيبَ هو العالمُ بحقيقةِ الدَّواءِ والدَّاءِ، والقادِرُ على الصِّحَّةِ والشِّفاءِ، وليس ذلك إلَّا للهِ، لكِنْ تسميةُ اللهِ بالطَّبيبِ إذا ذَكَرَه في حالةِ الاستشفاءِ، نحو: أنت المُداوي، أنت الطَّبيبُ: سائِغٌ، ولا يُقالُ: يا طَبيبُ، كما يُقالُ: يا حكيمُ؛ لأنَّ إطلاقَه عليه متوَقِّفٌ على توقيفٍ) [2418] يُنظر: ((فيض القدير)) (2/ 99). .
وقال ابنُ الأميرِ: ( ((اللهُ الطَّبيبُ)) أي: المُداوي الحقيقيُّ لا غَيرُه. قاله لوالِدِ أبي رِمْثةَ حينَ رأى خاتَمَ النبُوَّةِ فظَنَّه سَلْعةً، فقال: إنِّي طبيبٌ أَطُبُّها... في النِّهايةِ: الطبيبُ في الأصلِ: الحاذِقُ بالأمورِ، العارِفُ بها، وبه سُمِّيَ «المطَبِّبُ» الذي يعالِجُ المرضى. انتهى. وفيه جوازُ إطلاقِ هذا اللَّفظِ عليه تعالى) [2419] يُنظر: ((التنوير شرح الجامع الصغير)) (3/ 84). .
وقال شمسُ الدِّين الحقِّ آبادي: ( ((اللهُ الطَّبِيبُ، بل أنتَ رجلٌ رفيقٌ)) أي: أنت تَرفُقُ بالمريضِ، وتتلطَّفه، واللهُ هو يُبرِئُه ويُعافيه) [2420] يُنظر: ((عون المعبود)) (11/262). .

انظر أيضا: