موسوعة الأخلاق والسلوك

ثانيًا: الفَرْق بَيْنَ الإحسانِ وبعضِ الصِّفاتِ


الفَرْقُ بَيْنَ الإحسانِ والإنعامِ:
 (أنَّ الإحسانَ يكونُ لنَفسِ الإنسانِ ولغيرِه؛ تقولُ: أحسَنْتُ إلى نفسي. والإنعامُ لا يكونُ إلَّا لغيرِه) [136] ((لسان العرب)) لابن منظور (13/114). . فالإحسانُ أعَمُّ من الإنعامِ [137] يُنظَر: ((بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز)) للفيروز آبادي (2/68). .
وقال أبو هِلالٍ العَسكريُّ: (الإنعامُ لا يكونُ إلَّا من المُنعِمِ على غيرِه؛ لأنَّه متضَمِّنٌ بالشُّكرِ الذي يجبُ وجوبَ الدَّينِ، ويجوزُ إحسانُ الإنسانِ إلى نفسِه؛ تقولُ لِمن يتعلَّمُ العلمَ: إنَّه محسِنٌ إلى نفسِه، ولا تقولُ: مُنعِمٌ على نفسِه، والإحسانُ مُتضَمِّنٌ بالحمدِ، ويجوزُ حمدُ الحامدِ لنَفسِه، والنِّعمةُ مُتضَمِّنةٌ بالشُّكرِ، ولا يجوزُ شُكرُ الشَّاكِرِ لنَفسِه؛ لأنَّه يجري مجرى الدَّينِ، ولا يجوزُ أن يؤدِّيَ الإنسانُ الدَّينَ إلى نفسِه، والحمدُ يقتضي تبقيةَ الإحسانِ إذا كان للغَيرِ، والشُّكرُ يقتضي تبقيةَ النِّعمةِ، ويكونُ من الإحسانِ ما هو ضَرَرٌ مثلُ تعذيبِ اللهِ تعالى أهلَ النَّارِ، وكُلُّ من جاء بفِعلٍ حَسَنٍ فقد أحسَن؛ ألا ترى أنَّ من أقام حدًّا فقد أحسَنَ وإن أنزَلَ بالمحدودِ ضَرَرًا، ثمَّ استُعمِلَ في النَّفعِ والخَيرِ خاصَّةً، فيُقالُ: أحسَنَ إلى فلانٍ: إذا نفعَه، ولا يُقالُ: أحسَنَ إليه: إذا حَدَّه. ويقولونُ للنَّفعِ كُلِّه إحسانًا، ولا يقولون للضَّرَرِ كُلِّه إساءةً، فلو كان معنى الاحسانِ هو النَّفعَ على الحقيقةِ، لكان معنى الإساءةِ الضَّرَرَ على الحقيقةِ؛ لأنَّه ضِدُّه، والأبُ يحسِنُ إلى ولَدِه بسَقْيِه الدَّواءَ المُرَّ، وبالفَصدِ والحِجامةِ، ولا يُقالُ: يُنعِمُ عليه بذلك. ويُقالُ: أحسَنَ: إذا أتى بفعلٍ حَسَنٍ، ولا يُقالُ: أقبَحَ: إذا أتى بفعلٍ قبيحٍ، اكتَفَوا بقولِهم: أساء، وقد يكونُ أيضًا من النِّعمةِ ما هو ضَرَرٌ، مِثلُ التَّكليفِ، نُسَمِّيه نعمةً؛ لِما يؤدِّي إليه من اللَّذَّةِ والسُّرورِ) [138] ((الفروق اللغوية)) (ص: 193). .
الفَرْقُ بَيْنَ الإحسانِ والإفضالِ:
 (أنَّ الإحسانَ: النَّفعُ الحَسَنُ. والإفضالَ: النَّفعُ الزَّائدُ على أقَلِّ المقدارِ، وقد خُصَّ الإحسانُ بالفَضلِ، ولم يجِبْ مِثلُ ذلك في الزِّيادةِ؛ لأنَّه جرى مجرى الصِّفةِ الغالبةِ) [139] ((معجم الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (ص: 23). .
الفَرْقُ بَيْنَ الإحسانِ والفَضلِ:
 (أنَّ الإحسانَ قد يكونُ واجِبًا وغيرَ واجِبٍ، والفضلُ لا يكونُ واجِبًا على أحَدٍ، وإنَّما هو ما يتفضَّلُ به من غيرِ سَبَبٍ يُوجِبُه) [140] ((معجم الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (ص: 24). .
الفَرْقُ بَيْنَ الإحسانِ والنَّفعِ:
(أنَّ النَّفعَ قد يكونُ من غيرِ قَصدٍ، والإحسانُ لا يكونُ إلَّا مع القصدِ؛ تقولُ: ينفعُني العدُوُّ بما فعله بي: إذا أراد ضَرًّا، فوقع نفعًا، ولا يُقالُ: أحسَنَ إليَّ في ذلك) [141] ((الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (ص: 193-194). .
الفَرْقُ بَيْنَ الإحسانِ والإجمالِ:
(أنَّ الإجمالَ هو الإحسانُ الظَّاهِرُ؛ من قَولِك: رجُلٌ جميلٌ، كأنَّما يجري فيه السَّمنُ، وأصلُ الجميلِ: الوَدَكُ [142] الوَدَكُ: الدَّسمُ أو دَسمُ اللَّحمِ. يُنظَر: ((المعجم الوسيط)) (2/1022) واجتمَلَ الرَّجُلُ: إذا طبخ العِظامَ ليُخرِجَ وَدَكَها. ويُقالُ: أحسَنَ إليه، فيُعدَّى بإلى، وأجمَلَ في أمرِه؛ لأنَّه فَعَل الجميلَ في أمرِه. ويُقالُ: أنعَمَ عليه؛ لأنَّه دخَلَه معنى عُلُوِّ نِعَمِه عليه، فهي غامرةٌ له، ولذلك يُقالُ: هو غريقٌ في النِّعمةِ، ولا يُقالُ: غريقٌ في الإحسانِ والإجمالِ. ويُقالُ: أجمَلَ الحسابَ، فيُعَدَّى ذلك بنَفسِه؛ لأنَّه مُضمَّنٌ بمفعولٍ يُنبِئُ عنه من غيرِ وسيلةٍ، وقد يكونُ الإحسانُ مِثلَ الإجمالِ في استحقاقِ الحمدِ به، وكما يجوزُ أن يحسِنَ الإنسانُ إلى نفسِه يجوزُ أن يُجمِلَ في فعلِه لنَفسِه) [143] ((الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (ص: 194). .

انظر أيضا: