موسوعة الأخلاق والسلوك

خامِسًا: أقسامُ التَّضْحيةِ


تنقَسِمُ التَّضْحيةُ إلى قِسمَينِ:
1- التَّضْحيةُ المحمودةُ (المشروعةُ):
وهي التَّضحيةُ في سبيلِ نُصرةِ الحَقِّ وتحقيقِ هَدَفٍ مشروعٍ، ومنها: التَّضْحيةُ بالنَّفسِ؛ قال تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ [البقرة: 216] . فاللهُ تعالى (أخبَرَ أنَّه مكروهٌ للنُّفوسِ؛ لِما فيه من التَّعَبِ والمشقَّةِ، وحُصولِ أنواعِ المخاوِفِ، والتَّعرُّضِ للمتالِفِ، ومع هذا فهو خيرٌ محضٌ لِما فيه من الثَّوابِ العظيمِ، والتَّحرُّزِ من العِقابِ الأليمِ، والنَّصرِ على الأعداءِ، والظَّفَرِ بالغنائِمِ، وغيرِ ذلك ممَّا هو مُرَبٍّ، على ما فيه من الكراهةِ) [1675] ((تيسير الكريم الرحمن)) (ص: 96). .
ومن ذلك التَّضْحيةُ بالمالِ: قال تعالى: وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ [الحديد: 10-11] .
كذلك تدُلُّ وقائِعُ التَّربيةِ النَّبويَّةِ على أنَّ الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يشتَرِطُ الاستعدادَ لبَذلِ النَّفسِ والمالِ، ويجعَلُ ذلك شارةَ الإيمانِ وصِدْقَه، والإنسانُ عِندَه مَيلٌ فِطريٌّ إلى أن يُضَحِّيَ بنَفسِه ومالِه في سبيلِ المثَلِ الأعلى، بل إنَّ هذه التَّضْحيةَ هي أمرٌ راسِخٌ في فِطرةِ الإنسانِ، وجُزءٌ من وُجودِه، وما تعظيمُ الشَّجَاعةِ عِندَ البَشَرِ إلَّا تقديرٌ لقيمةِ التَّضْحيةِ في سبيلِ المَثَلِ الأعلى؛ ولذلك جُعِلَ الجِهادُ أفضَلَ الأعمالِ [1676] ((أهداف التربية الإسلامية)) لماجد الكيلاني (ص: 128). .
2- التَّضْحيةُ المذمومةُ (غَيرُ المشروعةِ):
التَّضحيةُ المذمومةُ هي التَّضْحيةُ في نُصرةِ باطِلٍ، أو تحقيقٍ هَدَفٍ غيرِ مشروعٍ، وكُلُّ تضحيةٍ لم تكُنْ في سبيلِ اللهِ أو ابتغاءَ مَرضاتِه، أو تحقيقًا لمقصَدٍ شَريفٍ نبيلٍ؛ فهي مذمومةٌ.
فعن أبي موسى رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((جاء رجلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: يا رسولَ اللهِ، ما القِتالُ في سبيلِ اللهِ؟ فإنَّ أحَدَنا يقاتِلُ غَضَبًا، ويُقاتِلُ حَمِيَّةً، فرَفَع إليه رأسَه، قال: وما رَفَع إليه رأسَه إلَّا أنَّه كان قائمًا، فقال: مَن قاتَلَ لتَكونَ كَلِمةُ الله هي العليا فهو في سبيلِ اللهِ عزَّ وجلَّ)) [1677] أخرجه البخاري (123) واللَّفظُ له، ومسلم (1904). .

انظر أيضا: