موسوعة الأخلاق والسلوك

 أ- مِن القرآنِ الكريمِ


1- قال تعالى يحُثُّ عِبادَه على أن تنطِقَ ألسنتُهم بالكلامِ الحَسنِ الذي يُضادُّ السَّبَّ والشَّتمَ ونَحوَهما ممَّا يكونُ مِن مساوِئِ الأقوالِ: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا [البقرة: 83] .
(ومِن القولِ الحَسنِ أمرُهم بالمعروفِ، ونَهيُهم عن المُنكَرِ، وتعليمُهم العِلمَ، وبَذلُ السَّلامِ، والبَشاشةُ، وغَيرُ ذلك مِن كُلِّ كلامٍ طيِّبٍ، ولمَّا كان الإنسانُ لا يسَعُ النَّاسَ بمالِه أُمِر بأمرٍ يقدِرُ به على الإحسانِ إلى كُلِّ مخلوقٍ، وهو الإحسانُ بالقولِ، فيكونُ في ضِمنِ ذلك النَّهيُ عن الكلامِ القبيحِ للنَّاسِ حتَّى للكُفَّارِ؛ ولهذا قال تعالى: وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [العنكبوت: 46] ، ومِن أدبِ الإنسانِ الذي أدَّب اللهُ به عِبادَه أن يكونَ الإنسانُ نَزيهًا في أقوالِه وأفعالِه، غَيرَ فاحِشٍ ولا بَذيءٍ، ولا شاتِمٍ ولا مُخاصِمٍ، بل يكونُ حَسنَ الخُلقِ، واسِعَ الحِلمِ، مُجامِلًا لكُلِّ أحدٍ، صبورًا على ما ينالُه مِن أذى الخَلقِ؛ امتِثالًا لأمرِ اللهِ، ورجاءً لثوابِه) [3659] ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (ص: 57). .
2- وقال تعالى مُحذِّرًا مِن إيذاءِ المُؤمِنينَ والمُؤمِناتِ، ومُشدِّدًا على عاقِبةِ ذلك، ولا شكَّ أنَّ سبَّهم وشَتمَهم إيذاءٌ لهم: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا [الأحزاب: 58] .
(أي: والذين يَرتكِبونَ في حقِّ المُؤمِنينَ والمُؤمِناتِ ما يُؤذيهم في أعراضِهم أو في أنفُسِهم أو في غَيرِ ذلك ممَّا يتعلَّقُ بهم، دونَ أن يكونَ المُؤمِنونَ أو المُؤمِناتُ قد فعَلوا ما يوجِبُ أذاهم فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا، أي: فقد ارتكَبوا إثمًا شَنيعًا، وفِعلًا قبيحًا، وذَنبًا ظاهِرًا بيِّنًا؛ بسببِ إيذائِهم للمُؤمِنينَ والمُؤمِناتِ) [3660] ((التفسير الوسيط)) لمحمد سيد طنطاوي (11/244). .
3- وقال تعالى مُحذِّرًا مِن الأقوالِ القبيحةِ التي تكونُ سببًا لنَزَغاتِ الشَّياطينِ، كالسَّبِّ والشَّتمِ وما يجري مَجراهما: وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا [الإسراء: 53] ، أي: وقلْ -يا رسولَ اللهِ- آمِرًا عِبادي المُؤمِنينَ بأن يقولَ بعضُهم لبعضٍ في مُحاوَراتِهم ومُخاطَباتِهم الكلامَ الأحسَنَ؛ مِن الكلماتِ الطَّيِّبةِ اللَّيِّنةِ اللَّطيفةِ، التي هي أحسَنُ ممَّا سِواها إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ، أي: قلْ لهم يقولوا التي هي أحسَنُ؛ لأنَّ الشَّيطانَ البعيدَ مِن الرَّحمةِ وكُلِّ خيرٍ يقومُ بالإفسادِ بَينَهم، وتهييجِ العَداواتِ والشُّرورِ، مِن المُخاصَمةِ والمُقاتَلةِ وغَيرِ ذلك إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا، أي: إنَّ الشَّيطانَ ينزَغُ بَينَهم؛ لأنَّه كان لآدَمَ وذُرِّيَّتِه عَدوًّا مُظهِرًا لشِدَّةِ عَداوتِه، مِن حينِ امتِناعِه مِن السُّجودِ لآدَمَ وحَسدِه له حتَّى أخرَجه مِن الجنَّةِ [3661] ((التفسير المحرر - الدرر السنية)) (14/262، 263). .
4- وقال تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات: 10] .
(فإذا كان المُؤمِنونَ إخوةً أُمِروا فيما بَينَهم بما يوجِبُ تآلُفَ القُلوبِ واجتِماعَها، ونُهوا عمَّا يوجِبُ تنافُرَ القُلوبِ واختِلافَها...، وأيضًا: فإنَّ الأخَ مِن شأنِه أن يوصِلَ إلى أخيه النَّفعَ، ويكُفَّ عنه الضَّررَ) [3662] يُنظر: ((جامع العلوم والحكم)) لابن رجب الحنبلي (2/ 273). .

انظر أيضا: