موسوعة الأخلاق والسلوك

ب- من السُّنَّةِ النَّبَويَّةِ


- عن المُغيرةِ قال: ((قال سَعدُ بنُ عُبادةَ: لو رأيتُ رجلًا مع امرأتي لضَربْتُه بالسَّيفِ غيرَ مُصْفِحٍ [3338] غَيْرَ مُصفِحٍ، هو من صَفحةِ السَّيفِ، وهو عَرْضُه، وأراد سَعدٌ أنَّه لو وَجَد رجُلًا مع أهِله لضرَبَه بحَدِّ سيفِه لا بعَرضِه، ولم يَصبرْ أن يأتيَ بأربعةِ شُهَداءَ. يُنظَر: ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (7/ 351). ، فبلَغ ذلك رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: تعجَبونَ من غَيْرةِ سعدٍ؟! واللهِ لأنا أغيَرُ منه، واللهُ أغيَرُ منِّي، مِن أجلِ غَيرةِ اللهِ حَرَّم الفواحشَ ما ظهَر منها وما بطَن)) [3339] أخرجه البخاري (7416)، واللفظ له، ومسلم (1499). .
قال النَّوويُّ: (قال العُلَماءُ: الغَيرةُ بفَتحِ الغَينِ، وأصلُها المنعُ، والرَّجُلُ غَيُورٌ على أهلِه، أي: يمنَعُهم من التَّعلُّقِ بأجنبيٍّ بنَظَرٍ أو حديثٍ أو غيرِه، والغَيرةُ صِفةُ كَمالٍ، فأخبرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأنَّ سَعدًا غَيُورٌ، وأنَّه أغْيَرُ منه، وأنَّ اللَّهَ أغيَرُ منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأنَّه من أجْلِ ذلك حَرَّم الفواحِشَ) [3340] ((شرح مسلم)) (10/ 132). .
و(الغَيرةُ هي السِّياجُ المَعنويُّ لحِمايةِ الحِجابِ، ودَفعِ التَّبرُّجِ والسُّفورِ والاختِلاطِ، والغَيرةُ هي: ما رَكَّبه اللَّهُ في العَبدِ من قُوَّةٍ رُوحيَّةٍ تحمي المحارِمَ والشَّرَفَ والعَفافَ من كُلِّ مجرمٍ وغادِرٍ، والغَيرةُ في الإسلامِ خُلُقٌ محمودٌ، وجِهادٌ مشروعٌ؛ لقولِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ اللَّهَ يغارُ، وإنَّ المُؤمِنَ يَغارُ، وإنَّ غَيرةَ اللَّهِ أن يأتيَ المُؤمِنُ ما حَرَّمَ اللَّهُ عليه)) [3341] أخرجه البخاري (5223)، ومسلم (2761) واللفظ له من حديثِ أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه. ، ولقولِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن قُتِل دونَ أهلِه فهو شَهيدٌ)) [3342] أخرجه مطوَّلًا: أبو داود (4772) باختلافٍ يسيرٍ، والترمذي (1421)، والنسائي (4095) واللفظ لهما من حديثِ سعيدِ بنِ زيدٍ رَضِيَ اللهُ عنه. صحَّحه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1421)، وحسَّنه الترمذي، وصحَّح إسنادَه أحمد شاكر في تخريج ((مسند أحمد)) (3/119)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (4772). ،... فالحِجابُ باعِثٌ عظيمٌ على تنميةِ الغَيرةِ على المحارِمِ أن تُنتَهَكَ أو يُنالَ منها، وباعِثٌ على توارُثِ هذا الخُلُقِ الرَّفيعِ في الأُسَرِ والذَّراريِّ؛ غَيرةِ النِّساءِ على أعراضِهنَّ وشَرَفِهنَّ، وغَيرةِ أوليائِهنَّ عليهنَّ، وغَيرةِ المُؤمِنين على محارِمِ المُؤمِنين من أن تُنالَ الحُرُماتُ، أو تُخدَشَ بما يَجرَحُ كرامتَها وعِفَّتَها وطهارتَها ولو بنَظرةِ أجنبيٍّ إليها.
ولهذا صار ضِدُّ الغَيرةِ الدِّياثةَ، وضِدُّ الغَيُورِ: الدَّيُّوثَ. وهو الذي يُقِرُّ في أهلِه ولا غَيرةَ له عليهم.
ولذا سَدَّ الشَّرعُ المُطَهَّرُ الأسبابَ المُوصِلةَ إلى هَتكِ الحِجابِ وإلى الدِّياثةِ) [3343] ((حراسة الفضيلة)) (ص: 87). .

انظر أيضا: