موسوعة الأخلاق والسلوك

حسَدُ إبليسَ


خَلَق اللَّهُ جَلَّ وعلا آدَمَ عليه السَّلامُ وشَرَّفه وكَرَّمه، وأمَر الملائكةَ بالسُّجودِ له، ولكِنَّ إبليسَ تكبَّرَ وبغى، وحَسَده على هذه المنزلةِ؛ قال تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ [الأعراف: 11-12] .
قال قتادةُ: (حَسَد عَدُوُّ اللَّهِ إبليسُ آدَمَ عليه السَّلامُ ما أعطاه من الكرامةِ، وقال: أنا ناريٌّ وهذا طينيٌّ) [2712] رواه الطبري في ((التفسير)) (17/99)، وابن أبي حاتم في ((التفسير)) (364). . وقال ابنُ عطيَّةَ: (أوَّلُ ما عُصِيَ اللَّهُ بالحَسَدِ، وظهَر ذلك من إبليسَ) [2713] ((المحرر الوجيز)) (3/469). .
ومن شِدَّةِ حَسَدِ إبليسَ أنَّه لمَّا تبَيَّن مَقتَ اللَّهِ له وغَضَبه عليه، أراد أن يُغويَ بني آدمَ ليشارِكوه المَقْتَ والغضَبَ، وقد ذَكَر اللَّهُ حالَ إبليسَ هذا؛ قال تعالى: قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ [الأعراف: 16-17] . قال ابنُ القيِّمِ: (الحاسِدُ شبيهٌ بإبليسَ، وهو في الحقيقةِ من أتباعِه؛ لأنَّه يطلُبُ ما يحِبُّه الشَّيطانُ مِن فسادِ النَّاسِ، وزوالِ نِعَمِ اللَّهِ عنهم، كما أنَّ إبليسَ حَسَد آدمَ لشَرَفِه وفَضلِه، وأبى أن يسجُدَ له حَسَدًا، فالحاسِدُ من جُندِ إبليسَ) [2714] ((بدائع الفوائد)) (2/234). .

انظر أيضا: