موسوعة الأخلاق والسلوك

ب- أقسامُه من حيثُ باعِثُه والدَّاعي إليه


الأوَّلُ: قِسمٌ يكونُ الباعِثُ إليه الفِطرةَ والغريزةَ، كالذي يكونُ عندَ الآباءِ والأمَّهاتِ وأصحابِ العِشقِ، وهذا كما يقولُ عبدُ الرَّحمنِ المَيدانيُّ: الباعِثُ إليه فِطريٌّ في النُّفوسِ يَنتِجُ عنه حُبٌّ شديدٌ عارِمٌ، والحُبُّ من أقوى البواعِثِ الذَّاتيَّةِ الدَّافِعةِ إلى التَّضحيةِ بالنَّفسِ وكُلِّ ما يتَّصِلُ بها من مصالِحَ وحاجاتٍ؛ من أجْلِ سلامةِ المحبوبِ، أو تحقيقِ رِضاه، أو جَلْبِ السَّعادةِ أو المسَرَّةِ إليه [1061] يُنظر: ((الأخلاق الإسلامية وأسسها)) لعبد الرحمن الميداني (2/435). .
تقولُ أمُّ المؤمِنين عائشةُ رَضِيَ اللهُ عنها: ((جاءتني مِسكينةٌ تحمِلُ ابنَتَين لها فأطعَمْتُها ثلاثَ تَمَراتٍ، فأعطَتْ كُلَّ واحدةٍ منهما تمرةً، ورفَعَت إلى فيها تمرةً لتأكُلَها، فاستطعَمَتْها ابنتاها، فشَقَّت التَّمرةَ التي كانت تريدُ أن تأكُلَها بينهما! فأعجَبَني شَأنُها، فذكَرْتُ الذي صنَعَتْ لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: إنَّ اللهَ قد أوجَبَ لها بها الجنَّةَ، أو أعتقَها بها مِنَ النَّارِ)) [1062] أخرجه مسلم (2630). . فهذا الإيثارُ دافِعُه حُبُّ الأمِّ لابنَتَيها ورحمتُها بهما.
الثَّاني: قِسمٌ يكونُ الدَّافِعُ هو الإيمانَ، وحُبَّ الخيرِ للغَيرِ على حسابِ النَّفسِ ومَلَذَّاتِها ومُشْتَهَياتِها، وهو كما قال الميدانيُّ: (ليس إيثارًا انفعاليًّا عاطفيًّا مجرَّدًا، ولكِنَّه إيثارٌ يعتَمِدُ على محاكَمةٍ مَنطِقيَّةٍ سَليمةٍ، ويعتَمِدُ على عاطفةٍ إيمانيَّةٍ عاقِلةٍ) [1063] يُنظر: ((الأخلاق الإسلامية وأسسها)) (2/435). .

انظر أيضا: