موسوعة الأخلاق والسلوك

عاشِرًا: مَسائِلُ مُتفَرِّقةٌ


- قال الغَزاليُّ: (المعاصي يجِبُ تَرْكُها، وبَعدَ الفِعلِ يجِبُ سَترُها وسَترُ آثارِها، فإن كان مُستترًا مُخفيًا لأثَرِه، فلا يجوزُ أن يُتجَسَّسَ عليه) [1395] ((إحياء علوم الدين)) (2/ 338). .
- ما فيه الحِسبةُ هو كُلُّ مُنكَرٍ موجودٍ في الحالِ، ظاهِرٍ للمُحتَسِبِ بغيرِ تجَسُّسٍ، فيُشتَرَطُ أن يكونَ المُنكَرُ ظاهِرًا للمُحتَسِبِ بغيرِ تجَسُّسٍ، فكُلُّ من ستَر معصيةً في دارِه وأغلَق بابَه، لا يجوزُ أن يُتجَسَّسَ عليه، وقد نهى اللهُ تعالى عنه [1396] يُنظر: ((إحياء علوم الدين)) (2/ 324، 325). .
- قال ابنُ عُثَيمين: (إذا تعَدَّى -يعني: الذِّمِّيَّ- على المُسلِمين بالتَّجَسُّسِ، فصار ينقُلُ أخبارَ المُسلِمين إلى العَدُوِّ، فإنَّ عَهْدَه ينتَقِضُ، ولا إشكالَ فيه، بل إنَّ الجاسوسَ وإن كان مُسلِمًا يجِبُ أن يُقتَلَ إذا تجَسَّس للعَدُوِّ، والدَّليلُ على ذلك أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لمَّا اطَّلع على الجاسوسِ الذي تجسَّس لقُرَيشٍ، وهو حاطِبُ بنُ أبي بَلْتَعةَ رَضِيَ اللهُ عنه، وعَلِم به، استأذن أميرُ المُؤمِنين عُمَرُ بنُ الخطَّابِ رَضِيَ الله عنه أن يَقتُلَه، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّه من أهلِ بَدرٍ، وما يُدريك أنَّ اللهَ اطَّلَع على أهلِ بَدرٍ فقال: اعمَلوا ما شِئتُم؛ فقد غفَرْتُ لكم؟!)) [1397] أخرجه البخاري (3007)، ومسلم (2494) بنحوِه. ، فجعَل النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الجاسوسيَّةَ مُبيحةً للدَّمِ، لكِنْ وُجِد مانعٌ، وهو كَونُه من أهلِ بَدرٍ، وهذه العِلَّةُ لا توجَدُ في عَهْدِنا الآنَ، فإذا وُجِد إنسانٌ جاسوسٌ يكتُبُ بأخبارِنا إلى العَدُوِّ، أو ينقُلُها مُشافَهةً، أو ينقُلُها عَبرَ الأشرِطةِ؛ فإنَّه يجِبُ أن يُقتَلَ حتَّى لو تاب؛ لأنَّ ذلك كالحَدِّ لدَفعِ شَرِّه، ورَدعِ أمثالِه عن ذلك) [1398] ((الشرح الممتع على زاد المستقنع)) (8/ 86). .
عن إياسِ بنِ سَلَمةَ بنِ الأكوَعِ، عن أبيه، قال: (أتى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَينٌ من المُشرِكين وهو في سَفَرٍ، فجلس عِندَ أصحابِه يتحَدَّثُ، ثُمَّ انفَتَل، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: اطلُبوه، واقتُلوه. فقَتَله، فنَفَّلَه سَلَبَه) [1399] أخرجه البخاري (3051) واللفظ له، ومسلم (1754) مطولاً بنحوه .
قال البَغَويُّ: (فيه دليلٌ على أنَّ... من تجَسَّس للكُفَّارِ مِن أهلِ الذِّمَّةِ، كان ذلك منه نقضًا للعَهدِ) [1400] ((شرح السنة)) للبغوي (11/ 71). .
وكذلك ينتَقِضُ عَهدُ الذِّمِّيِّ إذا آوى جاسوسًا وتستَّرَ عليه؛ لأنَّه لمَّا آوى الجاسوسَ رَضِيَ بالجاسوسيَّةِ، وهذا إضرارٌ بالمُسلِمين [1401] ((الشرح الممتع على زاد المستقنع)) (8/ 87). .

انظر أيضا: