موسوعة الأخلاق والسلوك

أ- مِنَ السُّنَّةِ النَّبَويَّةِ


- عن أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنه قال: كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: ((اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بك مِن العَجزِ والكَسَلِ، والجُبنِ والهَرَمِ، وأعوذُ بك مِن فِتنةِ المَحيا والمَماتِ، وأعوذُ بك مِن عَذابِ القَبرِ)) [8960] رواه البخاري (2823) واللفظ له، ومسلم (2706). .
فالنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يتَعَوَّذُ مِن الكَسَلِ، الذي هو ضِدُّ النَّشاطِ.
قال ابنُ حَجَرٍ: (الكَسَلُ: تركُ الشَّيءِ مع القُدرةِ على الأخذِ في عَمَلِه) [8961] ((فتح الباري)) (6/36). .
- وعن أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((يَعقِدُ الشَّيطانُ على قافيةِ رأسِ أحَدِكم إذا هو نام ثَلاثَ عُقَدٍ، يَضرِبُ كُلَّ عُقدةٍ: عليك ليلٌ طويلٌ فارقُدْ، فإن استيقَظَ فذَكَر اللهَ انحَلَّت عُقدةٌ، فإن توضَّأ انحَلَّت عُقدةٌ، فإنْ صَلَّى انحَلَّت عُقدةٌ، فأصبح نشيطًا طَيِّبَ النَّفسِ، وإلَّا أصبح خبيثَ النَّفسِ كَسْلانَ)) [8962] رواه البخاري (1142) واللفظ له، ومسلم (776). .
قال النَّوَويُّ: (قَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "فأصبَحَ نشيطًا طَيِّبَ النَّفسِ" مَعناه لسُرورِه بما وفَّقَه اللهُ الكَريمُ له مِن الطَّاعةِ، ووَعَدَه به مِن ثَوابِه، مع ما يُبارَكُ له في نفسِه، وتَصَرُّفِه في كُلِّ أُمورِه، مع ما زالَ عنه مِن عُقدِ الشَّيطانِ وتَثبيطِه) [8963] ((شرح النووي على مسلم)) (6/67). .
- وعن أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنه قال: ((دخل النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فإذا حَبلٌ ممدودٌ بَيْنَ السَّاريتَينِ، فقال: ما هذا الحَبلُ؟! قالوا: هذا حَبلٌ لزَينبَ، فإذا فتَرَت تعَلَّقَت، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لا، حُلُّوه، ليُصَلِّ أحَدُكم نشاطَه، فإذا فتَرَ فلْيقعُدْ)) [8964] رواه البخاري (1150) واللفظ له، ومسلم (784). .
قال النَّوَويُّ: (فيه: الحَثُّ على الاقتِصادِ في العِبادةِ، والنَّهيُ عن التَّعَمُّقِ، والأمرُ بالإقبالِ عليها بنَشاطٍ) [8965] ((شرح النووي على مسلم)) (3/135). .
- وعن أنَسٍ رَضيَ اللهُ عنه: ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم شاوَرَ حينَ بلَغَه إقبالُ أبي سُفيانَ.
قال: فتَكَلَّمَ أبو بَكرٍ فأعرَضَ عنه، ثُمَّ تكَلَّمَ عُمَرُ فأعرَضَ عنه، فقامَ سَعدُ بنُ عُبادةَ، فقال: إيَّانا تُريدُ يا رَسولَ الله؟ والذي نفسي بيَدِه، لو أمَرْتَنا أن نُخيضَها البَحرَ لأخَضْناها، ولو أمَرْتَنا أن نضرِبَ أكبادَها إلى بَرْكِ الغِمادِ لفَعَلْنا))
[8966] رواه مسلم (1779). .
قال ابنُ كَثيرٍ: (كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُشاوِرُ أصحابَه في الأمرِ إذا حَدَثَ؛ تطييبًا لقُلوبِهم ليكونوا فيما يفعَلونَه أنشَطَ لهم) [8967] ((تفسير ابن كثير)) (2/149). .
- وعن عَبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضيَ اللهُ عنهما قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةٌ، ولكُلِّ شِرَّةٌ فَترةٌ، فمَن كانت فترَتُه إلى سُنَّتي فقد أفلَحَ، ومَن كانت إلى غَيرِ ذلك فقد هَلَك)) [8968] رواه أحمد (6958) واللفظ له، وابن خزيمة (2105)، وابن حبان (11). صحَّحه ابن حبان، وابن حجر في ((الأمالي المطلقة)) (20)، والألباني في ((صحيح الجامع)) (2152)، والوادعي على شرط الشيخين في ((الصحيح المسند)) (810). .
قال الهيتمي: (شِرَّةٌ: أي: بكَسرِ المُعجَمةِ، فشَدَّةٍ للرَّاءِ، فتاءِ تأنيثٍ: نشاطٌ وهِمَّةٌ) [8969] ((الزَّواجر)) للهيتمي (1/165). .
- وعن عُبادةَ بنِ الصَّامِتِ رضِي اللهُ عنه قال: ((بايَعْنا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على السَّمعِ والطَّاعةِ في العُسرِ واليُسرِ، والمَنشَطِ والمَكرَهِ، وعلى أثَرةٍ علينا، وعلى ألَّا نُنازِعَ الأمرَ أهلَه، وعلى أن نقولَ بالحقِّ أينما كنَّا، لا نخافُ في اللهِ لومةَ لائِمٍ)) [8970] رواه البخاري (7199) مختصرًا، ومسلم (1709) واللفظ له. .
قال أبو الوَليدِ الباجي: (..."والمَنشَطِ والمَكرَهِ"، يُريدُ: وقتَ النَّشاطِ إلى امتِثالِ أوامِرِه، ووَقتَ الكَراهيةِ لذلك، ولعلَّه أن يُريدَ بالمنشَطِ: وُجودَ السَّبيلِ إلى ذلك، والتَّفَرُّغَ له، وطيبَ الوَقتِ، وضَعفَ العَدوِّ) [8971] ((المنتقى)) (3/164). .

انظر أيضا: