موسوعة الأخلاق والسلوك

ج- من أقوالِ السَّلَفِ والعُلَماءِ وغَيرِهم


- قال الأحنَفُ بنُ قَيسٍ: (رأسُ مُروءةِ الوالي خِصالٌ ثلاثٌ: حُبُّ العِلمِ والعُلَماءِ، ورحمةُ الضُّعَفاءِ، والاجتهادُ في مصلحةِ العامَّةِ) [4050] ((تاريخ دمشق)) لابن عساكر (24/346). .
- وقال سَهلٌ التُّستَريُّ: (أركانُ الدِّينِ: النَّصيحةُ والرَّحمةُ، والصِّدقُ والإنصافُ والتَّفضُّلُ، والاقتداءُ بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، والاستعانةُ باللهِ على ذلك إلى المماتِ) [4051] ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (10/192). .
- وقال الحَسَنُ: (لأهلِ التَّقوى علاماتٌ يُعرَفون بها: صِدقُ الحديثِ، وأداءُ الأمانةِ، والإيفاءُ بالعهدِ، وقِلَّةُ الفَخرِ والخُيَلاءِ، وصلةُ الرَّحِمِ، ورَحمةُ الضُّعَفاءِ ...) [4052] ((الحلم)) لابن أبي الدنيا (ص: 35). .
- وقال ذو النُّونِ: (ثلاثةٌ من أعلامِ الرَّحمةِ للخَلقِ: انزواءُ العَقلِ للملهوفين، وبكاءُ القلبِ لليتيمِ والمسكينِ، وفِقدانُ الشَّماتةِ بمصائِبِ المُسلِمين، وبذلُ النَّصيحةِ لهم متجرِّعًا لمرارةِ ظُنونِهم، وإرشادُهم إلى مصالحِهم وإن جَهِلوه وكَرِهوه) [4053] ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (9/361). .
- وقال إبراهيمُ بنُ أدهَمَ: (خرَجْتُ أريدُ بيتَ المقدِسِ، فلَقِيتُ سَبعةَ نَفَرٍ فسَلَّمتُ عليهم وقُلتُ: أفيدوني شيئًا لعَلَّ اللهَ ينفعُني به، فقالوا: انظُرْ كُلَّ قاطعٍ يقطَعُك عن اللهِ من أمرِ الدُّنيا والآخرةِ فاقطَعْه، فقُلتُ: زيدوني رَحِمَكم اللهُ، قالوا: انظُرْ ألَّا ترجوَ أحدًا غيرَ اللهِ ولا تخافَ غيرَه، فقُلتُ: زيدوني رحِمَكم اللهُ، قالوا: انظُرْ كُلَّ من يحِبُّه فأحِبَّه، وكُلَّ من يُبغِضُه فأبغِضْه، قُلتُ: زيدوني رَحِمَكم اللهُ، قالوا: عليك بالدُّعاءِ والتَّضرُّعِ والبكاءِ في الخلَواتِ، والتَّواضُعِ والخُضوعِ له حيثُ كنتَ، والرَّحمةِ للمُسلِمين والنُّصحِ لهم) [4054] ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (8/25). .
- وقال أبو سُلَيمانَ الدَّارانيُّ: (الرِّضا عن اللهِ عزَّ وجَلَّ، والرَّحمةُ للخَلقِ: دَرَجةُ المُرسَلين) [4055] ((حلية الأولياء)) (9/ 262). .
-وقال الماوَرديُّ: (أسبابُ الحِلمِ الباعثةُ على ضَبطِ النَّفسِ عَشَرةٌ: أحَدُها: الرَّحمةُ للجُهَّالِ، وذلك من خيرٍ يوافِقُ رِقَّةً، وقد قيل في منثورِ الحِكَمِ: من أوكَدِ الحِلمِ رحمةُ الجُهَّالِ) [4056] ((أدب الدنيا والدين)) (ص: 252). .
-وقال أبو العبَّاسِ القُرطبيُّ: (مَن خَلَق اللهُ تعالى في قلبِه الرَّحمةَ الحاملةَ له على الرِّفقِ، وكَشْفِ ضُرِّ المبتلَى، فقد رَحِمه اللهُ سُبحانَه وتعالى بذلك في الحالِ، وجعل ذلك علامةً على رحمتِه إيَّاه في المآلِ، ومن سَلَب اللهُ ذلك المعنى منه، وابتلاه بنقيضِ ذلك من القَسوةِ والغِلظةِ، ولم يَلطُفْ بضعيفٍ، ولا أشفَقَ على مبتلًى، فقد أشقاه في الحالِ، وجعل ذلك عَلَمًا على شِقوتِه في المآلِ، نعوذُ باللهِ من ذلك!) [4057] يُنظَر: ((المفهم)) (6/109). .
-وقال المُهَلَّبُ: (الرَّحمةُ التي خلَقَها اللهُ لعبادِه وجعَلَها في نفوسِهم في الدُّنيا، هي التي يتغافَرون بها يومَ القيامةِ التَّبِعاتِ بَيْنَهم) [4058] ((فتح الباري)) لابن حجر (10/432). .
-وقال السَّعديُّ: (وعلامةُ الرَّحمةِ الموجودةُ في قلبِ العبدِ أن يكونَ محِبًّا لوصولِ الخيرِ لكافَّةِ الخَلقِ عُمومًا، وللمُؤمِنين خصوصًا، كارهًا حُصولَ الشَّرِّ والضَّرَرِ عليهم، فبَقدرِ هذه المحبَّةِ والكراهةِ تكونُ رحمتُه) [4059] ((بهجة قلوب الأبرار)) (ص: 189). .
- وقال مصطفى لطفي المنفلوطيُّ: (إنَّ الرَّحمةَ كَلِمةٌ صغيرةٌ، ولكِنْ بَيْنَ لفظِها ومعناها من الفَرْقِ مِثلُ ما بَيْنَ الشَّمسِ في مَنظَرِها، والشَّمسِ في حقيقتِها. لو تراحَم النَّاسُ لَمَا كان بَيْنَهم جائعٌ ولا مغبونٌ، ولا مهضومٌ، ولأقفَرَت الجفونُ من المدامِعِ، ولاطمأنَّت الجنوبُ في المضاجِعِ، ولمَحَتِ الرَّحمةُ الشَّقاءَ من المجتمَعِ، كما يمحو لسانُ الصُّبحِ مِدادَ الظَّلامِ. أيُّها الإنسانُ ارحَمِ الأرملةَ التي مات عنها زوجُها، ولم يترُكْ لها غيرَ صِبيةٍ صِغارٍ، ودُموعٍ غِزارٍ، ارحَمْها قبل أن ينالَ اليأسُ منها، ويَعبَثَ الهمُّ بقَلبِها، فتؤثِرَ الموتَ على الحياةِ. ارحَمِ الزَّوجةَ أمَّ وَلَدِك، وقعيدةَ بيتِك، ومِرآةَ نفسِك، وخادمةَ فِراشِك؛ لأنها ضعيفٌ، ولأنَّ اللهَ قد وكَل أمرَها إليك، وما كان لك أن تَكذِبَ ثقتَه بك. ارحَمْ وَلَدَك وأحسِنِ القيامَ على جِسمِه ونفسِه؛ فإنَّك إلَّا تفعَلْ قتَلْتَه أو أشقيتَه، فكنتَ أظلَمَ الظَّالمين. ارحَمِ الجاهِلَ، لا تتحَيَّنْ فرصةَ عَجزِه عن الانتصافِ لنفسِه، فتجمَعَ عليه بَيْنَ الجهلِ والظُّلمِ، ولا تتَّخِذْ عَقلَه مَتجَرًا تربحُ فيه؛ ليكونَ من الخاسرينَ. ارحَمِ الحيوانَ؛ لأنَّه يُحِسُّ كما تحِسُّ، ويتألَّمُ كما تتألَّمُ، ويبكي بغيرِ دُموعٍ ويتوجَّعُ...
 أيُّها السُّعَداءُ: أحسِنوا إلى البائسينَ والفُقَراءِ، وامسَحوا دموعَ الأشقياءِ، وارحَموا مَن في الأرضِ يرحَمْكم من في السَّماءِ) [4060] ((مؤلفات مصطفى لطفي المنفلوطي الكاملة)) (ص: 88). .
- وقال عبدُ الرَّحمنِ الميدانيُّ: (إنَّ الرَّحيمَ يُؤلِمُه جِدًّا أن يشهَدَ آلامَ مُستحِقِّ الرَّحمةِ، ثمَّ لا يُفيضُ له بعطاءٍ يدفَعُ عنه آلامَه، أو يخَفِّفُ له منها، وهذا هو خُلُقُ المُؤمِنين الذين ربَّاهم الإسلامُ عليه) [4061] ((الأخلاق الإسلامية وأسسها)) (2/6). .

انظر أيضا: